48- بَابُ مَا جَاءَ في قَوْلِ اللهِ تَعَالى:وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ [فصلت: 50].

قَالَ مُجَاهِدٌ: «هَذَا بِعَمَلِي وأَنَا مَحْقُوقٌ بِهِ». وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: «يُرِيدُ مِنْ عِنْدِي». وقولُهُ: "       " [القصص: 78]. قالَ قَتادَةُ: «عَلَى عِلْمٍ مِنِّي بِوُجُوهِ المكَاسِبِ». وقَالَ آخرونَ: «عَلَى عِلْمٍ مِنَ اللهِ أَنِّي لَهُ أَهْلٌ». وهَذَا مَعْنَى قَولِ مُجَاهِدٍ: «أُوتِيتُهُ عَلَى شَرَفٍ».

وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى، فَأَرَادَ اللهَ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكاً ، فَأَتَى الأَبْرَصَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ بِهِ . قَالَ : فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ، فَأُعْطِيَ لَوْناً حَسَناً وَجِلْداً حَسَناً قَالَ: فَأَيُّ الْـمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الإِبِلُ ، أَوْ الْبَقَرُ ، «شَكَّ إِسحاق» فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فَقَالَ : بَارَكَ اللهَ لَكَ فِيهَا  قَالَ: فَأَتَى الأَقْرَعَ ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ بِهِ، فَمَسَحَهُ، فَذَهَبَ عَنْهُ وَأُعْطِيَ شَعَراً حَسَناً . فَقَالَ : فَأَيُّ الْـمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ: الْبَقَرُ أَو الإِبِلُ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً ، َقَالَ : بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا.

 قَالَ فَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَنْ يَرُدَّ اللهَ إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرَ بِهِ النَّاسَ. قَالَ: فَمَسَحَهُ ، فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ .قَالَ : فَأَيُّ الْـمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْغَنَمُ ، فَأُعْطِيَ شَاةً وَالِداً، فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا. فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الإِبِلِ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ .

قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ، قَدِ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي ، فَلا بَلاغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْـحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْـحَسَنَ وَالْـمَالَ، بَعِيراً أَتَبَلَّغُ بِهِ فِي سَفَرِي . فَقَالَ: الحُقُوقُ كَثِيرَةٌ . فَقَالَ لَهُ: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ، فَقِيراً، فَأَعْطَاكَ اللهُ عزَّ وَجلَّ المَال؟فَقَالَ: إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْـمَالَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ . فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللهَ إِلَى مَا كُنْتَ.

قال: ثم إنه أَتَى الأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وهيئته ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَى هَذَا . فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ .

قال: وَأَتَى الأَعْمَى فِي صُورَتِهِ وهيئته ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ قَدِ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلا بَلاغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي . فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللهَ إِلَيَّ بَصَرِي فَخُذْ مَا شِئْتَ ، وَدَعْ مَا شِئْتَ . فواللهِلا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ شَيْئاً أَخَذْتَهُ للهِ. فَقَالَ : أَمْسِكْ مَالَكَ فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ فَقَدْ رَضِيَ الله عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ»أخرجاه.



بحث عن بحث