الوقفة الأولى:

الريح هي الهواء الذي يصرفه الله سبحانه وتعالى من جهة إلى أخرى، فإذا كان شديداً سمي ريحاً، وإذا كان خفيفاً سميت رياحاً، وهذه على عكس الأصل والأصل إذا كان مفرداً أن يكون خفيفاً، والجمع يكون أشد، ولذلك جاء في الأثر أن الإنسان إذا رأى الريح دعا بالدعاء الوارد (اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً) ، لأن الريح إذا جاءت هكذا شديدة فهي نوع من العذاب كما عذب بها بعض الأقوام السابقة++ وإذا جاءت خفيفة فهي قائدة للخير وللمطر، ولذلك يقول الإنسان هذا الدعاء الوارد .

الوقفة الثانية:

نهي المؤمن عن سب الريح كما أورد المصنف في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الترمذي قال: (لا تسبوا الريح) وذلك لأن من سب الريح كأنه يسب من قدّر هذه الريح، وأتى بهذه الريح، وهو الله سبحانه وتعالى .

ولكن إذا رأى الإنسان ما يكره من الريح وكانت الريح شديدة وقد تسبب أضراراً فيدعو(اللهم إني أسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت به) هذا دعاء والدعاء عند الله مستجاب إذا أتى بشروطه وخلا من موانعه .

(ونعوذ بك من هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أرسلت به) وهذا يدل على أن الأمور الكونية التي يقررها الله سبحانه وتعالى لها وجهان :

الأول: إما أن تكون فيها خير وهذا كثير، مثل الأمطار، فالأصل فيها أن تكون خيراً، لكن قد تنقلب إلى ضدها فبدل أن تكون رحمةً تكون عذاباً ، وهذه الأمور الكونية لها وجهان، والمسلم هنا عليه أن يسأل الله سبحانه وتعالى الوجه الخير فيها .

والنبي صلى الله عليه وسلم هنا حدد للمسلم أن يسأل من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت به؛ لأنها مخلوقة من مخلوقات الله سبحانه وتعالى فيها من الخير وفيها غير ذلك.

الوقفة الثالثة :

في هذا الحديث أن الإنسان لا يعترض على أقدار الله سبحانه وتعالى، إنما يطلب وجه الخير فيها مثل حادث أو مرض أو خسارة مالية ظاهر ذلك شر ولكن باطنه قد يكون خيرا لأن العواقب بيد الله سبحانه وتعالى، فيسأل العبد ربه أن تكون العاقبة خيراً، ولذا وجه النبي صلى الله عليه وسلم الإنسان لمن يرى الريح ألا يشتم ويسب الريح، وإنما يسأل الله خير هذه الريح. 



بحث عن بحث