الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء، فبه ختمت الرسالات، وعلى آله وأصحابه أولي الطهر والـمَكْرُمات، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى أن تبعث البريات.

أما بعد: فقد عشنا ـ والله الحمد والمنة ـ في الصفحات السابقة تأملات في عبادة من أعظم العبادات، ذلكم هو الركن الخامس من أركان الإسلام: الحج إلى بيت الله الحرام، وتركزت هذه التأملات في وقفات محددة في دلالة هذا الحج العظيم على أعظم مقصد من خلق الخليقة وبعث الرسل وإنزال الكتب، ألا وهو توحيد الله سبحانه وتعالى، وإفراده بالعبودية الحقة دون سواه.

ودلالة الحج على ارتباط المسلم بربه وتوحيده ابتدأ من بناء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام البيت إلى تشريع الحج، فضلًا عن أقواله وأعماله، ومخالفته لحج المشركين الذين يعظمون آلهتهم في حجهم، مرورًا بوصايا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وخطبه، وبخاصة في خطبة عرفة، وظهور تعظيم شعائر الله، وبخاصة الذبح والنحر، ودلالة هذا الحج على تحقيق الولاء لله سبحانه، والبراءة من الشرك وأهله، إلى غير ذلك من الدلالات العظيمة في الحج، من وحدانية الله تعالى وعظمته، وضرورة توحيده وعبادته، وإخلاص العبادة له سبحانه، ومن ثَمَّ ما يخرج فيه الحاج من مغفرة الذنوب ورفعة الدرجات ودخول الجنة، مع المنافع الدنيوية الكثيرة.

وفي ختام هذه الوقفات؛ أكرر الدعوة لكل مسلم بعامة، ولكل حاج بخاصة، إلى تجريد العمل لله سبحانه، وإخلاصه له جل وعلا، والتأمل في الحج قبل أدائه وأثناءه وبعده، ليزيد الإيمان ويتعمق التوحيد وتعظم شعائر الله سبحانه، فيصل إلى التقوى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾، ثم ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴾، و﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴿54 فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾، و﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ .

أسأل الله تعالى أن يرزقنا ذلك، وأن يجعل عواقب أمورنا إلى خير، وأن يتقبل من الحجاج حجهم، ويخلف عليهم بذلهم، وأن يحقق لهم ما يرجون من الخير في الدنيا والآخرة، إنه سميع قريب مجيب.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتبه

فالح بن محمد بن فالح الصغير

الرياض 1424هـ

ص.ب 41961 الرياض 11531

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.



بحث عن بحث