نفي الإيمان عمن يخالف شرع الله

عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص م قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به».

©  المباحث اللغوية:

لا يؤمن: لا يكمل إيمانه.

هواه: ما تميل إليه نفسه.

لما جئت به: لما جئت به من الشريعة الكاملة بأوامرها ونواهيها.

©  أهمية الحديث:

هذا الحديث غاية في الأهمية، فهو يحدد هوية الإنسان في هذه الدنيا واتجاهه الذي يجب أن تسير عليه رغباته وشهواته.

©  توجيهات الحديث:

1-    يفيد الحديث أن الدين نزل من عند الله كاملًا لا نقص فيه ولا خلل، ولذا يجب أن يتبعه الإنسان في سيره في هذه الحياة الدنيا فلا يميل عنه يمينًا أو يسارًا.

2-    الإنسان في نظرته للأشياء، وفي سلوكه وتصرفاته يهوى ويميل إلى أشياء معينة، وقد يكون ميله موافقًا لما عليه الحق، وقد يكون منافيًا لما عليه الحق، فيجب أن يسيّر هواه وفق ما جاء عن الله سبحانه وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم  لئلا يزيغ ويهلك.

3-    إن الذي يسترسل مع شهواته، ويعطي نفسه هواها، تجره إلى المعاصي والآثام، وتقوده إلى المهالك، وتوقعه في الباطل قال تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [القصص: 50].

4-    إن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان، وميّزه على سائر المخلوقات قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا [الإسراء: 70]. فالذي ينقاد لهواه، ويتبع شهواته يكون ضعيف القوى والإرادة، وينحط إلى درجات الحيوانية فليس همه إلا إشباع رغباته.

5-    كما يقود اتباع الهوى إلى الضلال ومن ثمَّ إلى الجحيم، قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى﴿37 وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿38 فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات: 37 – 39]. أما الذي يتخلص من عبودية الهوى، فيكون من الفائزين: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴿40 فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات: 40 – 41].

6-    للتخلص من عبودية الهوى يجب أن يجاهد المرء نفسه، ويلزمها بشرع الله تعالى، ويدربها على الطاعات، ولا يستسلم للشهوات، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت: 69].

7-    يجب على المسلم أن يعرض أعماله وسلوكه وتصرفاته على شرع الله تعالى، فإن وافقت ذلك فهو المطلوب، وإلا فيحرص ألا تميل مع هواه وشهواته.

8-    الإيمان القوي مطلب نفيس لا يناله إلا من يسيّر رغباته وشهواته وفق هدي محمد صلى الله عليه وسلم  وما جاء به من شرع الله ﻷ.



بحث عن بحث