هـ - العمل :

     مما شاركت به المرأة الرجل في هذه الأزمنة وجود ميادين عمل كثيرة للنساء, والمرأة أخذت نصيبًا كبيرًا في ذلك, فدخلت ميادين متعددة أمثل لهذه الميادين بمثالين, ويقاس عليهما غيرهما:-

  • المثال الأول: التعليم والتدريس, ومن أهم ما توصى به المعلمة في أداء رسالتها وقيامها بمسؤولياتها ما يلي :-

     * استشعارها أولاً وأخيرًا لعظم المسؤولية مسؤولية التربية والتعليم وأن عليها واجبًا كبيرًا, وأن عقول تلك الصغيرات أو الكبيرات تحت تأثيرها, والله سبحانه وتعالى سائلها عن هذه المسؤولية فهو سائل كل راع عما استرعاه .

     ومهمة التعليم مهمة جليلة عظيمة، تظهر عظمتها من كونها مهمة محمد  صلى الله عليه وسلم ، فالمعلمة حملت ميراث النبوة, وهي خليفة عائشة وفاطمة، وهي مربية عظيمة تقوم بمهمة الأم أو أعظم، وذلك لعظم تأثيرها على طالباتها وتلميذاتها. وهي موجهة ومرشدة يؤخذ توجيهها وإرشادها مأخذ القبول من السامعات، ويكفي في تصوير مهمة المعلمة ما قاله شوقي :

قم للمعلم وفه التبجيلا      كاد المعلم أن يكون رسولا

     ومن هنا كان عليها مهمة كبيرة وواجب ثقيل يجب أن تقوم به وبداية ذلك استشعارها هذه الأهمية.

     * إجادة مهمتها الأساس التي تأخذ عليه مرتبًا وتتقاضى مبلغًا من المال, فعليها أن تجتهد في تحضير درسها وتَصَوُّرِه, وفي إلقائه على الطالبات, وفي عمل الوسائل اللازمة في ذلك، فالله سبحانه وتعالى يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه.

     * أن تكون قدوة في شكلها وكلامها وحركاتها وأخلاقها للطالبات، فسبق أن بينا أن التأثير العملي أبلغ من التأثير القولي, وغالبًا ما يتعلق الطالب بمعلمه حتى في حركاته ولباسه وهيئته، والأمر في جانب النساء أكبر وأعظم, فلتعلم المعلمة الجليلة أن كل حركة وقول وعمل ولباس فهو محل نظر واعتبار لدى التلميذات إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر, والموفقة هي التي تحسب لهذا الأمر حسابه وتعد عدته حتى يكون عملها مؤثرًا كما هو قولها فتؤجر وتثاب على الوجهين زاد الله المعلمات ذلك.

     * اعتبار الطالبات صديقات لها، وبخاصة إذا كن في المراحل المتقدمة كالمتوسطة والثانوية, أما مراحل الابتدائية, وما قبلها فتعتبر نفسها أمًّا لتلك البنات اللاتي سلمهن أهلوهن لها، وقد سبق معنا مهمة الأم كيف تكون؟ وإذا استشعرت هذا المعنى الكبير كبر تأثيرها وعظم أثرها .

     * معاملة الطالبات المعاملة الحسنة ومخالقتهن بذلك، فإن أثر المعاملة عظيم، فلا تتكبر ولا تتعالى ولا تفتخر عليهن، وعليها أن تشجع المجدة, وتحنو على الصغيرة والضعيفة, وتعالج مشكلات طالباتها, وتراعي أحوالهن المنزلية, ونفسياتهن وما يمر عليهن من ظروف اجتماعية, أو ظروف نفسية جراء بداية الدورة الشهرية أو حلولها بها.

     * المشاركة فيما يسمى النشاط اللامنهجي الذي تتعرف فيه على الطالبات عن قرب وتتطلع على هواياتهن وقدراتهن فتستعين بذلك على حسن توجيههن.

     * فتح قلبها للطالبات بحيث يطلعنها على مشكلاتهن المنزلية, وما يتعرضن له في بيوتهن, وبخاصة تلك الطالبات اللاتي غفل عنهن ذووهن وأهلوهن فلم يتابعوهن المتابعة الجادة، فتعظم هنا مسؤولية الموفقة للخير بالدخول مع تلك الطالبات ونصحهن وهدايتهن، ولأن يهدي الله بها بنتًا واحدةً خير لها من حمر النعم كما صح بذلك الحديث عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم .

     * استغلال المادة العلمية أثناء شرحها وتوضيحها بالتوجيه نحو الخير والأخلاق الإسلامية العالية في كل المقررات، وبخاصة مقررات العلوم الشرعية والعربية والاجتماعية حتى المقررات العلمية الأخرى يجب ألا تخلو من التوجيه نحو الخير والفضيلة, ولا يقتصر التوجيه من قبل معلمة العلوم الشرعية, لاشك أن الواجب عليها أعظم لكن لا يعني هذا خلو المعلمات الأخرى من المسؤولية .

وهنا أضرب أمثلة على هذا الاستغلال المفيد :-

  • أن تدرس معلمة القرآن الكريم: سورة القارعة، ومن العلوم أن سورة القارعة تتحدث عن يوم القيامة ومقدماته العظام من تغير أحوال الأرض والجبال حتى يستقر الناس بالجنة أو النار, فبعد بيان هذا المعنى يمكن أن توجه أسئلة مثل:-

- كيف نكون من أهل الجنة ؟     - ما مسببات دخول النار ؟

     وبعد إجابة الطالبات تعلق وتوضح صفات المؤمنين  وصفات الكفار والمنافقين وهكذا..

     ثم: تطبق هذه الصفات على واقع الناس وتبين مواضع الإيجاب والسلب من حياة الناس .

  • مثال آخر :أن تدرس معلمة الفقه :الحيض والنفاس, فبعد بيان المادة العلمية المقررة تدخل في التوجيه المناسب فتبين للطالبات أن هذا الحيض مما خص الله به الإناث دون الذكور, ولذلك طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل, وتذكر بعض الاختلافات, إلى أن تصل أن للمرأة أحكامًا خاصة بها خصها الله بها، ومنها: الحجاب والبعد عن مواطن الرجال ...الخ.
  • مثال ثالث :- أن تدرس معلمة القواعد المبتدأ والخبر, هنا يحسن بالمعلمة أن تنتقي الأمثلة المناسبة التي تساعد على غرس المعاني الخيرة لدى الطالبات كأن تأتي بالجمل الآتية:- هند حفظت كتاب الله, فاطمة مجدة في دروسها, زينب ذكية فطنة وهكذا.
  • المثال الثاني للعمل : الموظفة الإدارية سواء كانت في مدرسة من المدارس أو غيرها، والعاملات في الأجهزة الصحية من ممرضات وطبيبات وغيرهن :-

     ومن مسؤولياتهن ما يلي:

     * استشعارهن أن هذا العمل واجب عليهن ومؤتمنات عليه ويتقاضين عليه مبلغًا من المال وسيحاسبن عليه, فيجب عليهن أن يؤدينه أداءً حسنًا، فهن على ثغر من الثغور فلا يجوز أن يفرطن فيه .

     * ظهورهن بالمظهر الإسلامي الذي يجعل منهن قدوات للأخريات من زميلات أو طالبات إن كن عاملات في مدرسة, أو مريضات إن كن ممرضات أو طبيبات ونحو ذلك،  و ليعلمن أنهن يؤثرن سلبيًّا أو إيجابيًّا من حيث يشعرن أو لا يشعرن بهذا المظهر الذي يظهرن به أمام الأخريات.

     * استغلال المهنة والوظيفة في خدمة الأخريات ونصحهن وتوجيههن إلى معاني الخير والفضيلة والبعد عن أمور الشر والرذيلة، وبالأخص إن كانت ذات صلة بالناس كالممرضة والطبيبة والأخصائية الاجتماعية، فإذا كانت طبيبة مثلاً فأعظم بها من مهنة تخدم الأخريات فتحمل في نفسها معاني عظيمة تبثها للأخريات, ومنها تهدئة نفس المريضة, وفتح باب الشفاء لها والتفاؤل, وعدم التشاؤم, أو إظهار خطورة المرض, وكذا نصحها للمريضات وبيان شيء من أحكام الطهارة والصلاة. ومن أهم ما توجه فيه: ربط المريضة بالله وتعلقها به وبيان أن الشافي الكافي هو الله دون غيره, وما يفعل في دنيا الناس إنما هو أسباب قد تنفع إذا أراد الله ذلك أو لا تنفع وغير ذلك من المعاني والخصال الحميدة .

ومثل الطبيبة : الممرضة والأخصائية الاجتماعية .

     وتعظم المسؤولية إن كانت تلك المرأة الموظفة مسؤولة إداريًا كمديرة المدرسة أو مديرة قسم من الأقسام النسوية, أو أقسام التوجيه وغيرها، فلها مسؤولياتها التربوية والدعوية والاجتماعية بمثل ما ذكر في شأن المعلمة والإدارية سابقًا.



بحث عن بحث