الوقفة الرابعة: الأساليب الناجحة في الدعوة

     من أهم ما ينبغي أن تتنبه له الداعية الموفقة التي تريد أن يثمر قولها وعملها في بيتها ومجتمعها وأمتها، هي الأساليب الناجحة التي تكون عونًا لها بعد الله سبحانه وتعالى على وصولها إلى النتائج المطلوبة.

     ومن ذلك بإجمال - ما ذكره الله تعالى بقوله سبحانه: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125].

     ففي هذه الآية مجمل الأساليب الناجحة وهي:-

* الحكمة، ويقصد بها وضع الشيء في موضعه.

     ومنها: ضبط النفس والحلم والأناة والتعامل بعقلانية، ومن الحكمة في الدعوة:

-         اختيار الوقت المناسب في الدعوة.

-         اختيار المكان المناسب، فله أثر على القبول.

-         اختيار الموضوع المناسب، وكل ما كان الموضوع في واقع المتحدث معهن كان أولى وأفضل وأقرب إلى القبول.

-         اتباع قاعدة: التيسير المنضبط بضوابط الشرع والمبني على الدليل اتباعًا لما ورد مثل قوله  صلى الله عليه وسلم  : ((يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا)).

-         التدرج والمرحلية في الدعوة والتبليغ، فالنفوس تحتاج إلى تمرين وعسفها شيئًا فشيئًا، وهذا اتباع لما جاء في حديث معاذ عندما بعثه عليه الصلاة والسلام إلى اليمن فقال له: ((ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ)) ، فأمره النبي  صلى الله عليه وسلم   أن يتدرج بعرض التكاليف عليهم، وهكذا الداعي الموفق والداعية الموفقة.

         وينبني على التدرج مراعاة الأولويات في الدعوة والأهم فالمهم.

-         ومن الحكمة: مراعاة المصالح والمفاسد فدفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وعند تعارض المصلحتين ينظر في أعلاهما، وعند تعارض المفسدتين يتجنب أعظمهما ضررًا، وهكذا، والداعية الموفقة هي التي تزن بهذا الميزان.

* الموعظة الحسنة:

     ويقصد بها اتباع أحسن القول في عرضه على المدعوين، واللطف فيه، والتودد إلى صاحبه، وانتقاء العبارات المناسبة للشخص المدعو وللمقام الذي هو فيه.

     ويدخل في الموعظة الحسنة الربط بالدليل في الترغيب والترهيب.

     ومن الموعظة الحسنة القصة فقد تكرر ذكر القصص في القرآن والسنة كثيرًا وذلك لما فيها من العظة والعبرة بشرط أن تكون صحيحة، فإن ما وقع فيه القصّاص من محاذير كان بسبب اعتمادهم على القصص والحكايات التي لم ترد في القرآن والسنة.

     ومنها مخاطبة الناس بما يحبون أن يخاطبوا كأن تقول الداعية لفلانة من الناس: يا أم فلان، يا أختي، يا أيتها المؤمنة الصادقة.. ولعامة الناس: أيتها الأخوات العزيزات، أيتها المؤمنات بالله، وهكذا.

     ومنها استعمال الأساليب المقنعة كالتوكيد بالقسم أو تكرار الكلام عند الحاجة إليه ونحو ذلك.

* المجادلة بالتي هي أحسن.

     والمجادلة هي مقارعة الحجة بالحجة، أو هي المخاصمة في البيان والكلام لإلزام الخصم، وهكذا.

      ويمكن استعمال المجادلة في مجالات عدة منها:

-        مع المخالف في الرأي، بحسب هذا المخالف؛ فإن كان مؤمنًا بالله فينطلق معه بالمجادلة من الملتقى وهو الإيمان، وإن كان عقلانيًّا فبالحجج العقلانية.

-         مع الناس بما يفهمونه ويدخل في ذلك حال الحديث معهم كأن يقول: لو قال قائل كذا لقيل كذا.

-         مع الطلاب والطالبات لتعويدهم أسلوب المجادلة والمناظرة وهكذا.

     ويجب أن تراعى الآداب في ذلك، ومنها:

     * الربط بالدليل .

     * عدم التعدي بالقول أو الفعل على الشخص المجادَل.

     * عدم تحميل الكلام ما لا يحتمل.

     * عدم الكذب.

     * الهدوء وعدم الغضب.

     * التسليم للحق.

     * عدم الخروج عن الموضوع.

     * إحسان الظن.

     * مراعاة تقوى الله وأنه سيحاسب العبد على كلامه إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر.



بحث عن بحث