وقبل أن نختم هذه القاعدة يحسن أن نبيّن أنه ورد في القرآن والسنة مصطلحات متقاربة مثل: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، و«الدعوة»، و«النصيحة» ونحوها، وقد تفهم أنها مترادفة أو متباينة.

ولا شك أن بينها تداخل وقواسم مشتركة كما أن بينها فوارق، أو عموم وخصوص، ولست أقصد هنا، التفصيل في ذلك وإنما أردت أن أشير إلى مواضع يلتبس فيها عند دراسة هذا المبدأ بسبب تعدد المصطلحات.

ومما قصدته هنا:

1- حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة وهو فرض كفاية على الأمة أو على المجتمع، ويكون فرض عين في حالات من أهمها:

أ –  ألا يوجد مُنكِر غيره كالأب في بيته.

ب – أن يعين ولي الأمر من يقوم بالأمر والنهي في مجال معين، مثل تعيينه هيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيصبح واجبًا عينيًا عليهم، بينما يكون على غيرهم مستحبًا.

2- أن من أهم الفوارق أنه الأمر أو النهي المعين فرض عين بينما الدعوة أو النصيحة العامة تكون فرض كفاية.

3- أن من كانت عليه فرض عين لزمه، وله أن يستخدم الصلاحيات الممنوحة له من قبل ولي الأمر وهو المفروض عليه أولًا، ومن لم تكن عليه فرضًا عينًا فهذا يدخل في فرض الكفاية.

الآثار المترتبة على مخالفة هذه القاعدة:

إن مخالفة هذه القاعدة له آثار خطيرة على الدعوة والداعية منها:

1 -أن التقصير من الدعاة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو البناء والمعالجة يجر على الأمة شرًا مستطيرًا وفتنًا كثيرة، منها انتشار المنكر، وإشاعة الفاحشة، وتفشي الجرائم، وتعدي حدود الله... غير ذلك، وقد قال الله تعالى:

2 – تأخر الأمة وضعفها في جميع الميادين، لأن الشرّ إذا انتشر، والخير إذا تأخر، أدى إلى تراجع الأمة، ومن ثم كان ذلك سببًا للعقوبا.

3 – ما ذكره الله سبحانه وتعالى من الخيرية لهذه الأمة وفلاحها ونجاتها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يحل محله الهلاك والخسارة واللعن والطرد كما سبق في النصور.

4 - أن عدم إحاطة الداعية بفقه إنكار المنكر يجعله يتخبط في دعوته فيضر أكثر مما ينفع، بل يجعل الناس ينصرفون عنه وعن دعوته، فيكون قد أفسد من حيث أراد أن يصلح، وما ذلك إلا لعدم فقهه في تغيير المنكر أو في مراتب تغييره.



بحث عن بحث