بعض من مقومات الدعوة

5-    سلامة الوسيلة من الانحراف: فالغاية لا تبرر الوسيلة، وينبني على هذا المقوّم: الخلق القويم، والسلوك المستقيم، فلا تبلغ دعوة الله بوسائل محرمة، أو غير شرعية؛ كالغناء والتماثيل، أو التجريح والغيبة. فنرى كثيرًا من الفرق الإسلامية، والحركات الدينية، قد ضلّوا السبيل، وجانبوا الطريق القويم، وانحرفوا عن جادة الصواب، بسبب تطرقهم إلى وسائل غير مشروعة، وأوضح مثال على ذلك بعض طرق الصوفية، اختاروا الوسائل المحرمة كالغناء والرقص وغيرها، فلعب الشيطان بعقولهم، فضلّوا وأضلّوا الناس عن الدين الحق، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، والله المستعان.

6-    البدء بالأهم فالمهم: من أهم مقومات الدعوة الأساسية التي توصلها إلى أهدافها: فقه الأولويات والمهمات، وترتيبها بدءاً بالأهم فالمهم، ويدل على هذا حديث معاذ ا حينما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، ففي الصحيحين أن معاذًا رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلواتٍ في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب(1). فقد ذكر له النبي ﷺ الأولويات والمهمات التي يجب أن يتبعها.

فعلى الداعية أن يختار ما هو الأهم فالمهم، ففي العقيدة يبدأ بالتوحيد إلى الله قبل غيره، وفي العبادات يبدأ بالفرائض قبل السنن والمستحبات، وبالمحرمات قبل المكروهات، وهكذا في جميع المسائل.

7 ــ التخطيط السليم في الدعوة: إن الدعوة إلى الله كأي عمل آخر تحتاج إلى تخطيط سليم وتدبير دقيق، ويترتب عليه نجاح الدعوة وفشلها بعد إرادة الله تعالى، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يسير في دعوته بتخطيط مدروس، وهذا واضح في سيرته الدعوية كلها، بل كان يسير بعناية الله تعالى، فنرى ــ مثلاً ــ واقعة الهجرة، كيف اختار لصحبته رفيقه أبا بكر الصديق ا، واختفاءه في غار ثور الذي في جهة اليمن، وتحريه أخبار قريش، وسلوك طريق الساحل غير المعتاد، حتى وصل إلى المدينة بحفظ الله ثم بتخطيطه السليم بصحة وسلامة. وهكذا يجب أن تسير الدعوة في جميع مشاريعها على مستوى الداعية الفرد، وعلى مستوى الدعوة بأكملها.

8 ــ المحاسبة والتقويم: يلزم للدعوة أن تحاسب نفسها بعد كل فترة، وتقوّم أعمالها وأهدافها ومشاريعها بين حين وآخر، هل طرأ على أفرادها كلل أو فتور؟ وهل هم على جادة الصواب أم جانبوها؟ وهل هم مستمرون على المنهج السليم أو اختاروا منهجاً منحرفاً؟ وما الثمار التي اقتطفوها خلال هذه المدة ؟ وما النتائج التي استثمروها في دعوتهم؟.

*          *          *

فهذه بعض المقومات للدعوة التي ينبغي للداعية والدعوة أن تقوم بها لكي يكتب للدعوة القبول والنجاح، ومن ثم عموم الفائدة للأمة، ويتحقق رضا الله تعالى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سبق  تخريجه. وينظر ما كتبته عن هذا الحديث في رسالة مستقلة ضمن هذه السلسلة.  



بحث عن بحث