الصفات التي يجب أن يتحلى بها طالب العلم

1-    أولها وأعلاها: إخلاص النية لله سبحانه:

فطلب العلم من أجل العبادات، بل طلب العلم أفضل من نوافل الصلاة والصيام، فهو يفتقر إلى نية خالصة لله سبحانه.قال تعالى: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴿٤﴾ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة﴾ [سورة البينة:4-5]

 

2-ملازمة خشية الله تعالى ومراقبته:

قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر:28]. ففيه إشارة إلى ضرورة الخشية التي تقود إلى العمل بهذا العلم.

 

3-    الرفق واللين، وعدم الاستعجال في الطلب:

فإن الله يحب الرفق في الأمر كله، وما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما عدم من شيء إلا شانه.

ومن أراد أن يحمل العلم جملة واحدة، فسيضيعه جملة واحدة،، قال الشاعر:

          اليوم شيء وغدًا مثله          من نخب العلم التي تلتقط

          يحصل المرء بها حكمة         إنما السيل اجتماع النقط

4-الصبر والمصابرة:

  فالعلم بحر متلاطم لا ساحل له، ولا يمكن الغوص في هذا البحر والوصول إلى أعماقه إلا بالصبر، وقد حث الله تعالى على هذه الخصلة في كل شيء، فقال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٣٣﴾ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿٣٤﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت:33-35]

فالصبر عدة الأفذاذ وقوة السائرين، به يصلون إلى غاياتهم ومناهم، فعلى طالب العلم أن يحذر من العجلة والملل وقلة الصبر.

كمايقول الشاعر :

لا تحسب المجد ثمرًا أنت آكله          لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

 

5-التواضع وخفض الجناح، ونبذ الكبر والبطر والتعالي:

فالعلم يحتاج أن تتذلل له، وأوضح قدوة في ذلك أن كثيرًا من الصحابة رووا عن التابعين.

وكان ابن عباس بيأخذ بركاب ناقة زيد بن ثابت ويقول: هكذا أمرنا باحترام علمائنا.

ومن تواضع لله رفعه، وقال القائل:

العلم حرب للفتى المتعالي      كالسيل حرب للمكان العالي

 

6-الحرص على اغتنام الأوقات وقوة الشباب:

عمر الإنسان مراحل يبدأ بضعف ثم قوة وينتهي إلى ضعف، والمؤمن من يغتنم أوقات قوته وشبابه، فإن هذا الوقت هو وقت التحصيل وحمل العلم، فالمحافظة على هذا الوقت فرصة غالية.

فالحذر الحذر! من ضياع الأوقات، فالعلم لا ينال بأجزاء من الوقت مقطعة، أو بوقت الكلل والتعب، أو بوقت الفراغ من الأعمال، فالعلم لا يقبل هذا، وقد قيل: أعط العلم كلك يعطِك بعضه، وأعطه بعضك لا يعطك شيئًا.

 

7-المواصلة والاستمرار في طلب العلم:

فيواصل طالب العلم ولا يمل ولا يكل، فمن طلب العلا سهر الليالي, ولكن إذا تطرق إليه الملل فلا مانع من وضع فسحة بين وقت وآخر لتستعيد النفس نشاطها، يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «أجمّوا هذه القلوب وابتغوا لها طرائف الحكمة فإنها تمل كما تمل الأبدان«(1)

 

8-    العمل بالعلم:

فهو زكاة العلم وهو الثمرة منه، ولا ينفع بدونه، بل قد ذم الله تعالى الذين يقولون ما لا يفعلون، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿٢﴾ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف:2، 3]

وقال تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة:44]

فهذه بعض الصفات التي إذا اتصف بها الإنسان يرجى له أن يحصل العلم. فالبدار البدار يا طالب العلم إلى هذا المنبع الصافي لكي تنهل من معينه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر 1/126.



بحث عن بحث