المبحث السادسالمسائل الفقهية

المسألة الخامسة: بعث السعاة لجلب الزكاة:

وهذه المسألة لها علاقة بالمسألة السابقة، حيث استنبط بعض العلماء من الحديث أن للإمام أن يبعث السعاة لأخذ الزكاة، ووجه الدلالة من قوله: «تؤخذ من أغنيائهم»، فيترتب عليه بعث سعاة ليأخذوها.

يقول الحافظ ابن حجر: «وفيه بعث السعاة لأخذ الزكاة«(1).

ويقول العيني: «قوله: «تؤخذ من أغنيائهم» دليل على أن الإمام يرسل السعاة إلى أصحاب الأموال لقبض صدقاتهم، وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة كانت ترفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى رسله وعماله، وإلى من أمر بدفعها إليه«(2).

وما ذكر في هذا الحديث هو الذي يتفق مع الضوابط العامة للزكاة في الإسلام؛ حيث دل على ذلك الكتاب والسنة، فقد قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}(3) فهو أمر بالأخذ، وطبق الرسول هذا عمليًّا، حيث كان- صلوات الله وسلامه عليه- يبعث السعاة لجلب الزكاة.

وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه لهذا الحديث: باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا(4)، وهذا ما قرره الفقهاء-أيضًا-.

يقول النووي في الروضة: «ينبغي للإمام أن يبعث السعاة لأخذ الزكوات. والأموال ضربان: ما يعتبر فيه الحول، وما لا يعتبر، كالزروع والثمار، فهذا يبعث الزكاة فيه لوقت وجوبه، وهو إدراك الثمار، واشتداد الحَبِّ، وأما الأموال فالحول مختلف في حق الناس، فينبغي للساعي أن يعين شهرًا فيأتيهم فيه«(5).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفتح (3/ 360).

(2) عمدة القاري (8/ 238)

(3) [التوبة: 103]

(4) صحيح البخاري، كتاب الزكاة (3/ 357)

(5) روضة الطالبين (2/ 210).



بحث عن بحث