الوقفة الأولى: محبة الله تعالى لعباده المؤمنين

5-الجهاد في سبيل الله بمراتبه وأنواعه، ففي تتمة حديث ابن مسعود السابق قَالَ ابن مسعود: ثُمَّ أيّ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبيلِ الله». وفي صحيح مسلم وغيره عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبه مِنْ نِفَاق«(1).

6-التقرب بالنوافل، جاء في الصحيح: «وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِىلأُعِيذَنَّهُ«(2).

7-المداومة على فعل الطاعات، ولو كانت تلك الطاعات قليلة في نظره، ففي الحديث: «وَكَانَ أَحَبُّ الدّينِ إِلَيْهِ مَا دامَ عَلَيْهِ صَاحِبهُ«(3).

وفي رواية مسلم: «وإن أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه وإن قل، وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملًا أثبتوه«(4).

8-كثرة ذِكر الله تعالى باللسان والقلب والجوارح، كما في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إلي ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة»(5)، ومصداقه قوله تعالى:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}(6) ومن أعظم الذكر قراءة كتابه تعالى، فلا شيء عند المحبين أحلى من كلام محبوبهم، فهو لذة قلوبهم، وغاية مطلوبهم، فعن عثمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه»(7). ويستحب إذا ذكر الله بغير القرآن أن يختار من الأذكار ما هو أفضل وأبلغ في المعاني، فعن سمرة بن جندي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الكلام إلى الله أربع: سُبْحَانَ الله، والحَمْدُ لله، وَلا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ»(8)، وفي رواية أخرى عن أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَلا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلامِ إِلَى اللهِ؟ قُلْت: يَا رَسُولَ الله أَخْبِرْنِي بِأَحَبِّ الْكَلامِ إِلَى الله، فَقَالَ: إِنَّ أَحَبَّ الْكَلامِ إِلَى اللهِ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ»(9).

بناءً على ذلك فمن المستحسن أن يكون للمسلم :

أ - حزب يومي من تلاوة القرآن؛ فلا يدعه في أي حال من الأحوال، وأي ظرف من الظروف.

ب - وأن يحافظ على الأذكار في الصباح والمساء، وعند دخول المسجد وخروجه، وعند دخول البيت وخروجه، عند الأكل والشرب، وهكذا في كل ما ورد من الأحوال.

9-أن يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النّبَيَّ صلى الله عليه وسلم: مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «مَا أعْدَدْتَ لَهَا؟» قَالَ: مَا أعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثير صَلاةٍ وَلا صَوْمٍ وَلا صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: «أنْتَ مَعَ مَنْ أحْبَبْتَ»(10).

10-محبة أصحابه وآله، فإن ذلك يجلب محبة الله تعالى، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ، فَانْصَرَفَ فَانْصَرَفْتُ، فَقَالَ: «أَيْنَ لُكَعُ»ثَلاثًا، ادْعُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِي، فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَمْشِي وَفِي عُنُقِهِ السِّخَابُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ هَكَذَا، فَقَالَ الْحَسَنُ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَالْتَزَمَهُ فَقَال: «اللهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ». وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بَعْدَ مَا قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ»(11).

ولكن ليكن ذلك بدون غلو بأن يوصلهم إلى منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يفضلهم عليه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه مسلم في الإمارة، باب ذم من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، رقم: (1910).

(2) رواه البخاري في الرقاق، باب التواضع، رقم: (6502).

(3) رواه البخاري في الإيمان، باب أحب الدين إلى الله أدومه، رقم: (43).

(4) رواه مسلم في صلاة المسافرين، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره، والأمر بالاقتصاد في العبادة، وهو أن يأخذ منها ما يطيق الدوام عليه، وأمر من كان في صلاة وفتر عنها ولحقه ملل ونحوه بأن يتركها حتى يزول ذلك، رقم: (782).

(5) رواه البخاري في التوحيد ، رقم: (7405)، ومسلم في الذكر والدعاء، باب الحث على ذكر الله تعالى، رقم: (2675).

(6) [البقرة:152]

(7) رواه البخاري في فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، رقم: (5027).

(8) رواه مسلم في الآداب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة وبنافع ونحوه، رقم: (2137).

(9) رواه مسلم في الذكر والدعاء، باب فضل سبحان الله وبحمده، رقم: (2731).

(10) رواه البخاري في الأدب، باب علامة الحب في الله لقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، ومسلم في البر والصلة، باب المرء مع من أحب، رقم: (2639).

(11) رواه البخاري في اللباس، باب السخاب للصبيان، رقم: (5884)، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل الحسن والحسين ب، رقم: (2421).



بحث عن بحث