الـمسألة الحادية عشرة:

أهمية النظر في المصالح والمفاسد حال الأمر والنهي

هل يستدل بهذا الحديث على أنه ينبغي في حال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر النظر في المصالح والمفاسد المترتبة على ذلك؟

فيما يظهر من الحديث: نعم. يظهر هذا من ترتيب التدرج في الإنكار على القدرة والاستطاعة، فلو لم يكن ذلك ما رتب التغيير على الاستطاعة والقدرة، ولأمر بالتغيير بدون النظر إلى ما يترتب عليه من آثار.

وبناء على ذلك؛ فحال الآمر والناهي مع المصالح والمفاسد كالآتي:

ينبغي أن نعلم أن من مقاصد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جلب المصالح ودرء المفاسد، كما هي القاعدة المعروفة من قواعد الشرع، ولذا:

-    فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إما أن تغلب مصالحه على مفاسده؛ فحينئذ يجب الإنكار، وإما أن تغلب المفاسد؛ وحينئذ لا يجوز الإنكار.

-    وإما أن يتساوى الأمران فيحتاج إلى النظر والاجتهاد، ويقدره أهل العلم العارفون بأحوال الشرع والأمة، وقالوا: لا يأمر ولا ينهى، ومثله إن اشتبهت الحال فيتبين حتى يترجح لديه أمر بالبحث والسؤال ونحوهما.

يقول الإمام ابن القيم :: «إنكار المنكر له أربع درجات:

الأولى: أن يزول ويخلفه ضده.

الثانية: أن يقلَّ وإن لم يزل من جملته.

الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله.

الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه.

فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة»اهـ.([2]).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :: «والرفق سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا قيل: ليكن أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر، وإذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات أو المستحبات لا بد أن تكون المصلحة فيه راجحة على المفسدة؛ إذ بهذا بُعثت الرسل، ونزّلت الكتب، والله لا يحب الفساد، بل كل ما أمر الله به فهو صلاح، وقد أثنى الله على الصلاح والمصلحين، والذين آمنوا وعملوا الصالحات، وذم الفساد والمفسدين في غير موضع، فحيث كانت المفسدة والنهي أعظم من مصلحته لم يكن مما أمر الله به، وكان قد ترك واجبًا وفعل محرمًا»(

ويقول الشيخ الشنقيطي :: «يشترط في جواز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ألا يؤدي إلى مفسدة أعظم من ذلك المنكر؛ لإجماع المسلمين على ارتكاب أخف الضررين» اهـ.

والنظر في المصلحة والمفسدة مبني على أدلة كثيرة، منها:

                أ‌-قوله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْم﴾، فلما كان سب آلهة المشركين وهو مصلحة يترتب عليها مفسدة أكبر وهي أنهم قد يسبون الله تعالىفقد نهى المسلمين عن سب آلهة المشركين درأً لهذه المفسدة الكبرى.

سيرة الرسول غ كلها قائمة على ذلك، ومن ذلك قصة بناء الكعبة حيث لم يغيرها خشية ما يترتب على ذلك من أضرار.

والنظر في المصلحة والمفسدة مبني على أدلة كثيرة، منها:

                أ‌-قوله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْم﴾، فلما كان سب آلهة المشركين وهو مصلحة يترتب عليها مفسدة أكبر وهي أنهم قد يسبون الله تعالىفقد نهى المسلمين عن سب آلهة المشركين درأً لهذه المفسدة الكبرى.

                أ‌-      سيرة الرسول غ كلها قائمة على ذلك، ومن ذلك قصة بناء الكعبة حيث لم يغيرها خشية ما يترتب على ذلك من أضرار.

([1]) أضواء البيان (2/ 172).

([1]) الأمر بالمعروف (ص: 17). 


([2]) الأمر بالمعروف (ص: 17).

([3]) أضواء البيان (2/ 172).



بحث عن بحث