الـمسألة الرابعة عشرة:

الآثار الفردية لترك الإنكار

قال في الحديث: «فمن لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».

عرفنا أن التغيير والإنكار بحسب الاستطاعة، فإذا كان مستطيعًا ولم ينكر فما الحكم؟

يترتب على هذا العمل ثلاثة أمور:

1-   أنه ضعيف الإيمان، كما هو نص الحديث الذي معنا.

2-   إذا رأى المنكر يفعل ولم ينكر وهو قادر شارك صاحبه في الإثم والوزر؛ لما دلت عليه رواية النسائي: «من رأى منكم منكرًا فغيره بيده فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بيده فغيره بلسانه فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بلسانه فغيره بقلبه فقد برئ، وذلك أضعف الإيمان»([2]) اهـ.

قال ابن النحاس: «قوله: فقد برئ، أي: من الإثم بإنكاره، وفيه الدليل الواضح على أن من استطاع الإنكار فلم ينكر أنه غير بريء من الإثم، بل هو شريك فيه»(

ويدل عليه أيضًاقولهﻷ: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا([4]).

3-   أن ترك إنكار المنكر مع القدرة على الإنكار يوجب غضب اللهﻷ ومقته، وقد استدل القرطبي : بقوله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (

([2]) تنبيه الغافلين (ص: 25).

([4]) الجامع للقرطبي (5/ 418).

([5]) سورة آل عمران، آية:(110).

([1]) تنبيه الغافلين (ص: 25).

 



بحث عن بحث