الإمام ابن ماجه وكتابه السنن(8)
ثناء أبي زرعة الرازي على سننه، والجواب عنه:
قد اشتهر بين المحدثين والحفاظ حكاية ابن ماجه مع الإمام أبي زرعة الرازي وإطرائه لكتابه حيث قال :
عرضت هذه السنن على أبي زرعة الرازي فنظر فيه وقال : أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع أو أكثرها ، ثم قال : لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثاً مما في إسناده ضعف أو نحو ذا. اهـ
وقد أشكلت هذه المقولة على جماعة من الحفاظ لأجل ما اشتهر بينهم من تأخر " سنن ابن ماجه" لاشتماله على جملة من الأحاديث الواهية والمنكرة، بل الموضوعة عند بعضهم، واختلفوا في توجيهها والجواب عنها :
الوجه الأول : أنها حكاية ضعيفة .
قال ابن حجر : هي حكاية لا تصح لانقطاع إسنادها ، وإن كانت محفوظة فلعله أراد ما فيه من الأحاديث الساقطة إلى الغاية أو كان ما رأى من الكتاب إلا جزءاً منه فيه هذا القدر . وقد حكم أبو زرعة على أحاديث كثيرة منه بكونها باطلة أو ساقطة أو منكرة وذلك محكي في كتاب "العلل" لابن أبي حاتم .
الوجه الثاني : المقصود بالثلاثين الساقطة والموضوعة.
قال ابن الملقن : هذا الكلام من أبي زرعة لولا أنه مروي عنه من أوجه لجزمت بعدم صحته عنه ، فإنه غير لائق بجلالته .
قال ابن دقيق العيد : هذا الكلام من أبي زرعة لا بد من تأويله ،وإخراجه عن ظاهره ، وحمله على وجه يصح .
وقال الحافظ الذهبي معلقاً عليها : قد كان ابن ماجه حافظاً ناقداً صادقاً واسع العلم وإنما غض من رتبة سننه ما في الكتاب من المناكير وقليل من الموضوعات ، وقول أبي زرعة إن صح فإنما عنى بثلاثين حديثاً الأحاديث المطرحة الساقطة ، وأما الأحاديث التي لا تقوم بها حجة فكثيرة لعلها نحو الألف .
وقال الذهبي : سنن ابن ماجه كتاب حسن لولا ما كدره من أحاديث واهية ليست بالكثيرة .
قال الحافظ ابن كثير : ويشتمل على أربعة آلاف حديث كلها جياد سوى اليسيرة ، وقد حكي عن أبي زرعة الرازي أنه انتقد منها بضعة عشر حديثاً ربما يقال : إنها موضوعة أو منكرة جداً .
وقال الحافظ ابن حجر : كتابه في السنن جامع جيد كثير الأبواب والغرائب ، وفيه أحاديث ضعيفة جداً حتى بلغني أن السري : كان يقول مهما انفرد بخبر فيه هو ضعيف غالباً . وليس الأمر في ذلك على إطلاقه باستقرائي ، وفي الجملة ففيه أحاديث منكرة والله تعالى المستعان .