الإمام أبو داود وكتابه السنن (4)
رابعاً: مراتب الأحاديث عنده،وبيان شرطه في الرواة:
جمهور العلماء جعلوا مراتب الأحاديث عند أبي داود في " السنن" ست مراتب ، وأخذوا ذلك من كلام أبي داود في قوله : " ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه وما يقاربه" و قال : " وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته ومنه مالا يصح سنده ، ما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض "
قال الذهبي في " السير" : فكتاب أبي داود :
1- أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان وذلك نحو من شطر الكتاب.
2- ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين ورغب عنه الآخر ،
3- ثم يليه ما رغبا عنه وكان إسناده جيداً سالماً من علة وشذوذ ،
4- ثم يليه ما كان إسناده صالحاً وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعداً يعضد كل إسناد منهما الآخر ،
5- ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه فمثل هذا يمشيه أبو داود ويسكت عنه غالباً ،
6- ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه فهذا لا يسكت عنه بل يوهنه غالباً وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته والله أعلم(1)
وقال البقاعي :
1- الأول: الصحيح، ويجوز أن يريد به الصحيح لذاته.
2- والثاني: شبهه، ويمكن أن يريد به الصحيح لغيره.
3 - والثالث: ما يقاربه، ويحتمل أن يريد به الحسن لذاته.
4- والرابع: الذي فيه وهنٌ شديد.
5- وقوله: ما لا، يفهم منه الذي فيه وهنٌ ليس بشديد فهو قسم خامس.
فإن لم يعتضد كان صالحاً للاعتبار فقط،
6- وإن اعتضد صار حسناً لغيره، أي للهيئة المجموعة للاحتجاج وكان قسماً سادساً.(2)
وقد أجمل هذه الأقسام الحافظ ابن طاهر المقدسي في "شروط الأئمة الستة" فقال: وأما أبو داود فمن بعده فإن كتبهم تنقسم على ثلاثة أقسام:
1- القسم الأول: صحيح؛ وهو الجنس المخرج في هذين الكتابين للبخاري ومسلم، فإن أكثر ما في هذه الكتب مخرج في هذين الكتابين، والكلام عليه كالكلام على الصحيحين فيما اتفقا عليه واختلفا فيه.
2- والقسم الثاني: صحيح على شرطهم، حكى أبو عبد الله بن منده أن شرط أبي داود والنسائي: (إخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم، إذا صح الحديث باتصال الإسناد من غير قطع ولا إرسال)، ويكون هذا القسم من الصحيح ، فإن البخاري قال أحفظ مائتي ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح ومسلم قال أخرجت المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموع . ثم إنا رأيناهما أخرجا في كتابيهما ما اتفقا عليه وما انفردا به ما يقارب عشرة آلاف تزيد أو تنقص فعلمنا أنه قد بقي من الصحيح الكثير .
3- والقسم الثالث : أحاديث أخرجوها للضدية في الباب المتقدم وأوردوها لا قطعا منهم بصحتها وربما أبان المخرج لها عن علتها بما يفهمه أهل المعرفة.(3)
(1) سير أعلام النبلاء" للذهبي ( 13/412)
(2) النكت الوفيه" للبقاعي في مبحث الحديث الحسن .
(3) شروط الأئمة الستة ص 88 .