حرمة دم المسلم

عن ابن مسعود رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة».

©  أهمية الحديث:

قال ابن الهيثمي: «وهو من القواعد الخطيرة المتعلقة بأخطر الأشياء وهو الدماء، وبيان ما يحل منها وما لا يحل، وإن الأصل فيها العصمة، وهو كذلك عقلًا لأنه مجبول على محبة بقاء الصور الإنسانية المخلوقة في أحسن تقويم».

©  المباحث اللغوية:

لا يحل دم امرئ مسلم: أي لا يحل قتله.

الثيب الزاني: الثيب هو الذي قد تزوج، ويسمى المحصن.  وسواء كان ذكرًا أو أنثى.

الزاني: اسم فاعل من الزنا وهو: وطء الرجل المرأة في غير نكاح شرعي.

النفس بالنفس: أي لا يقتل النفس إلا إذا قتلت نفسًا عمدًا بغير حق.

التارك لدينه: المرتد عن دينه الإسلامي.

المفارق للجماعة: المفارق لجماعة المسلمين بخروجه من الإسلام إلى الكفر ويسمى هذا مرتدًا.

©  توجيهات الحديث:

1-    دلَّ الحديث على حرمة دم المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. وهذا يكون معصوم الدم والمال، فلا يجوز التعدي على بدنه أو ماله أو نفسه أو حواسه بغير مسوغ شرعي.

2-    بيَّن الحديث أنه لا يجوز التعدي على المسلم بإزهاق نفسه إلا بأسباب شرعية، ومنها:

أ – إذا قتل نفسًا متعمدًا بغير حق.

ب – الزنا بامرأة أجنبية عنه وهو قد تزوج.

ج- الردة من الإسلام وتركه إلى الكفر.

3-    حذَّر الإسلام تحذيرًا شديدًا من مقارفة الجرائم الكبرى وهي القتل، والزنا، والردة، ومن اقترف واحدة منها كانت عقوبته القتل.

4-    عظم جريمة القتل بغير حق، وأن صاحبها متوعد بالقتل، قال تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45].

5-    الزنا جريمة عظيمة، ولها آثار خطيرة على الفرد الزاني، والمجتمع بأسره، ففيها ضياع الأنساب، وانتهاك الأعراض، وتفكك المجتمع، واختلاط الأرحام، وضياع الحياء، وغيرها، ولذلك كانت عقوبة الزاني عظيمة وهي الرجم بالحجارة حتى الموت إذا كان ثيبًا، وجلده مائة جلدة ونفيه سنة إذا كان بكرًا لم يتزوج.

6-    من الجرائم المهلكة في الدنيا والآخرة أن يرتد المسلم بعد أن هداه الله تعالى، وينتقل من الإيمان إلى الكفر والضلال، ولذلك شدد الإسلام في عقوبة مثل هذا بأن يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتدًا.

7-    على المسلم أن يسعى جاهدًا بعمل الأسباب المؤدية إلى استقامته وثباته على دينه، ومنها:

أ – التعلق بالله سبحانه وتعالى في جميع الظروف والأحوال.

ب – العمل بالفرائض التي فرضها الله سبحانه وتعالى على الناس.

ج- العمل بما استطاع من المستحبات كصلاة النوافل من الوتر، والراتبة، والضحى وغيرها.

د- دعاء الله تعالى بالثبات والاستقامة كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

هـ - كثرة قراءة القرآن وتأمله وتدبر آياته وحفظ ما تيسر منه.

و- مجالسة أصحاب الخير ورواد الفضيلة فيكتسب منهم المجالس علمًا ومعرفة وعملًا.

8-    على المسلم أن يبتعد عن الأسباب الموصلة إلى اقتراف مثل هذه الجرائم، ومنها:

أ – البُعد عن الله تعالى، والتهاون بالمعاصي الصغيرة، فمع الاستمرار تكون كبيرة.

ب – اختلاط الرجال بالنساء، والخلوة فيما بينهم، فما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.

ج- مشاهدة الأفلام والصور والمسلسلات الإجرامية والغرامية التي تُسول للإنسان أن يقلدها.

د- الغفلة عن كتاب الله تعالى وعدم قراءته، فذلك مما يقسي القلب ويقرب إلى المعصية.

هـ- كثرة مخالطة أهل المعاصي والسوء فالقرين بالمقارن يقتدي.



بحث عن بحث