فضل الصدقة

عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب؛ فإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه  عن الرسول صلى الله عليه وسلم  قال: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه».

©  أهمية هذين الحديثين:

هذان حديثان مهمان بأهمية موضوعهما، وهو الحث على الصدقات المستحبة؛ لما تحتوي عليه من ثمار كثيرة تعود على الفرد المتصدق والمجتمع المتصدق فيه، والمال المتصدق منه.

©  مسائل الحديث:

1-   من فرائض الإسلام وأركانه الزكاة فهي واجبة على من توفر له نصاب زكاة وحال عليه الحول ولا يجوز تركها، وقد قاتل أبو بكر رضي الله عنه  مانعي الزكاة عندما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي قرينة الصلاة في كتاب الله من حديث المنزلة والأحكام قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43]. وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المزمل: 20].

وعليه فيجب على من عنده مال يبلغ نصابًا وحال عليه الحول أن يزكيه.

2-   من فضل الله سبحانه وتعالى أن فتح أبواب الفضائل لعباده المؤمنين فيتنافسوا في ذلك ويتسابقوا فيها، ومن أهمها الصدقات المستحبة التي جاء ذكرها والحث عليها والترغيب فيها والمسارعة في المشاركة فيها في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم  في الحث عليها تارة وبيان ثمارها وآثارها تارة، وفي منزلة أهلها تارة ثالثة.

ومن ذلك ما جاء في هذه الأحاديث التي معنا:

أ – مضاعفة أجر هذه الصدقة أضعافًا مضاعفة كما قال صلى الله عليه وسلم : «فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل».

ب- البركة في المال وزيادته وعدم نقصانه كما جاء في الحديث: «ما نقصت صدقة من مال».

3-   ومن آثار الصدقة أنها أمان للمال وطهرة له، وتزكية للقلوب قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].

4-   ومن آثارها أنها حجاب عن النار للمتصدق كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  أنه قال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة».

5-   ومنها أنها تكفر السيئات وتغفر الذنوب، قال تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: 271]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار».

6-   من المهم في أمر الصدقات وكل عبادة أن تخرج بإخلاص لله سبحانه وتعالى دون أي مقصد من مقاصد الدنيا من الرياء والسمعة وغيرها، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5]. وقد جاء الوعيد الشديد في الذي يخرج ماله بقصد الرياء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه  أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: «أول الناس يقضى يوم القيامة عليه ثلاثة.. ثم ذكر منهم: رجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأتى به فعرّفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال: جواد – أي سخي كريم – فقد قيل فسحب على وجهه ثم ألقي في النار».

ومما يساعد على الإخلاص الاستمرار في إخراجها، وللاستمرار فضيلة خاصة حيث جاء في الصحيح أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجلًا تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.

7-   ومن أهم ما يجب التنبه له أن تكون من كسب طيب كما هو نص الحديث، بل ينبغي أن تكون من أجود المال وأحبه إليه، قال تعالى مؤكدًا على هذا المعنى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]. وقال سبحانه محذرًا من ضده: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267].

8-   على المسلم أن يحرص على أداء هذه الفضيلة ولو بشيء يسير فالقليل مع القليل كثير، فلا يستقل شيئًا يخرجه، ولا يتكاثر كثيرًا أخرجه فالقليل عند قبوله يكون كثيرًا وأجره مضاعفًا.



بحث عن بحث