مقدمة في علم مصطلح الحديث
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.
فهذه حلقات في علم مصطلح الحديث نسأل الله أن ينفع بها.
ونبدأ بمقدمة حول هذا الفن والتعريف به من خلال هذه العناصر فنقول وبالله التوفيق :ـ
· اسمه: يسمى هذا العلم بـ (علوم الحديث) أو( أصول الحديث) أو(مصطلح الحديث) وتسميته بعلوم الحديث هي الأسبق وفي الوقت المعاصر يكتفي بالمصطلح لأنه عبارة عن مصطلحات في أنواع وأقسام هذا العلم.
·أقسامه: لهذا العلم قسمان علم الحديث دراية وعلم الحديث رواية.
وعرفوا علم الحديث رواية: بأنه علم يشتمل على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وروايتها وضبطها وتحرير ألفظها(1) .
وأما علم الحديث دراية :علم يعرف به حال الراوي والمروي من حيث القبول أو الرد (2) .
ـ موضوعه: حديث النبي صلى الله عليه وسلم بقسميه السند، والمتن .
ـ غايته وثمرته : تمييز مقبول الحديث من مردوده .
ـ نشأته (3) : كانت قواعد علوم الحديث معروفةً في صدور حفاظ الصحابة، ورواة الحديث مثل التحرز في الراوية، وعدم قبول رواية كل أحد قبل معرفة حاله والوثوق بخبره .
ثم دعت الحاجة إلى تدوين تلك القواعد ، والتأليف في أنواع علم الحديث،وكانت بداية ذلك تدوين بعض المباحث الحديثية وأول من بدأ ذلك الإمام الشافعي (240هـ) رحمه الله في كتابه (الرسالة) حيث تعرض لبعض المسائل مثل ما يشترط في الحديث للاحتجاج به ، والرواية بالمعنى، والحديث المرسل، والمدلس
وألف في (اختلاف الحديث) ، ثم جاء من بعده النضر بن شميل (203هـ) وأبو عبيد القاسم بن سلاّم (244هـ) وكتبا غريب الحديث
وتوالت الكتابات في ذلك من أئمة هذا الشأن كعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ومسلم، والترمذي
وفي القرن الرابع برز عدة أئمة في مقدمتهم ابن أبي حاتم في عدة كتب له (كالعلل) و(المراسيل) و(الجرح والتعديل) وكذلك ابن حبان كتب في أجزاء من علوم الحديث.
وكانت تلك القواعد والباحث متفرقة ضمن مصنفات لغيرها أو في أجزاء صغيرة ثم دعت الحاجة إلى ضم تلك المباحث والقواعد في مصنفات تخصها.
وكان أول من صنف فيها تصنيفاً مستقلاً ـ كما ذكر الحافظ في النزهة(15)ـ هو الإمام الحافظ أبو محمد الحسن بن خلّاد الرامهرمزي(360هـ) في كتابه (المحدث الفاصل بين الراوي والواعي) ثم توالت التآليف في ذلك
فألف الحاكم أبو عبدالله محمد بن عبدالله النيسابوري (405)في (معرفة علوم الحديث) والخطيب البغدادي أحمد بن علي بن ثابت (436)في كتابين فريدين هما (الكفاية في علم الرواية ) و(الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)، وقل فن من فنون الحديث إلا وله فيه مصنف.
حتى جاء الحافظ أبو عمرو عثمان بن الصلاح (643هـ) وصنف كتاباً ذائع الصيت أسماه (علوم الحديث) واشتهر باسم (مقدمة ابن الصلاح) وجمع فيه ما تفرق من كتب الفن قبله وبخاصة كتب الخطيب البغدادي .
قال الحافظ ابن حجر(النزهة 17): (فاجتمع فيه ما تفرق في غيره، ولهذا عكف الناس عليه، وساروا بسيره فلا يحصى كم ناظم له ومختصر ومستدرك عليه ومقتصر ومعارض له ومنتصر)
وهكذا نشأ هذا العلم ويمكن أن يقال إنه تفرع وانتشر في التأليف بعد الحافظ أبي عمرو بن الصلاح كما قاله الحافظ ابن حجر رحمة الله عليهما.
(1) - تدريب الراوي(1/40)
(2) -فتح الباقي شرح ألفية العراقي(1/7)
(3) _ ينظر كتاب لمحات في تاريخ السنة(106).