الحلقة السابعة
المبحث الثاني: الأساس المعرفي
المطلب الأول: اعتماد الكتاب والسنة مرجعين أساسين للمعرفة
تضمنت نصوص الكتاب والسنة – وهما من علم الله تعالى- بيان الحق، وإيضاح سبله ومناهجه، والدعوة إليه بأوضح عبارة، وأكمل بيان، وأقوى حجة، بينت ذلك وأرشدت إليه بالأدلة النقلية والعقلية، ولذا تخضع لها القلوب، وتطمئن لها النفوس، وتنشرح لها الصدور (1)، كما قال تعالى: ] يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [[ يونس:57-58].
وتعني مرجعية نصوص الكتاب والسنة؛ الاطمئنان إليها، والثقة بصحة ما دلت عليه، واعتمادها منبعاً للقيم والنظم وضابطا للفكر، واليقين الجازم أن ما جاءت به هو الحق الذي لا مرية فيه، وأن توزن بها سائر الأقوال والأعمال فما وافقها فهو حق مقبول وما خالفها باطل لا قيمة له.
واعتماد نصوص الكتاب والسنة مصدراً رئيساً للمعرفة يستلزم الثبات عليها وعدم التنازل عنها بحجة التقارب الثقافي، أو قبول الآخر، أو استجابة لدعوة حوار يراد منه إنزال نصوص الوحي المعصومة منزلة الاجتهادات البشرية والآراء الشخصية المحتملة للخطأ والصواب.
والمسلم وهو يصدر عن نصوص الوحي يدرك ما تتمتع به من كمال ومن شمول لسائر جوانب الحياة البشرية رعاية وتوجيهاً؛ ففي العقيدة – وهي أخبار صادقة عن حقائق ثابتة - جاءت وافية بما يحتاج الناس إلى معرفته عن الله تعالى ووحدانيته، وعن الوحي والرسالة، والبعث بعد الموت، والجزاء الأخروي ...، وقد فصلها القرآن أتم تفصيل، وأقام عليها أظهر البراهين مما ينير درب المسلم، ويعصمه من التيه والضلال.
كما فصلت نصوص الوحي القول في العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، ويظهر فيها خضوعه لأمره كمّاً وكيفاً، وزماناً ومكاناً، لأن مبناها على الانقياد والتسليم، ولا مجال فيها للرأي والاجتهاد.
وأمَّا الأحكام العملية المتعلقة بتنظيم معاملات الناس وعلاقاتهم ببعض فلم تفصلها النصوص بل بينت أصولها والقواعد العامة فيها ليكون الناس في سعة في الأخذ بما يلائم بيئاتهم، وما يتفق ومصالحهم، في حدود الأسس والأصول التي وضعتها الشريعة لهم.
ومن لوازم مرجعية نصوص الكتاب والسنة وفاعليتها في البناء الثقافي للمسلم أن يوثق صلته بنصوصهما؛ علماً بها، وفهماً لمدلولاتها، وما تضمنته من الحكم والمصالح والأحكام، وأن يتجاوز علمه بها القدر الواجب معرفته على كل مسلم في العبادات والمعاملات والأخلاق والآداب وسائر التشريعات، وأن يلم بما يتصل بها من قواعد الاستدلال ومناهج الاستنباط، حتى يلج الحياة، وينفتح على آفاقها وهو يملك فكراً ورأياً مؤصلاً يسهم به في تنمية مجتمعه، وحل مشكلاته، ومواجهة التحديات التي تعترض طريقه.
(1) انظر: ابن باز، عبد العزيز بن عبد الله، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (1423هـ)، الرياض، دار المؤيد، جمع: محمد بن سعد الشويعر (4/60 – 67) .
الحلقة السابعة
المبحث الثاني: الأساس المعرفي
المطلب الأول: اعتماد الكتاب والسنة مرجعين أساسين للمعرفة
تضمنت نصوص الكتاب والسنة – وهما من علم الله تعالى- بيان الحق، وإيضاح سبله ومناهجه، والدعوة إليه بأوضح عبارة، وأكمل بيان، وأقوى حجة، بينت ذلك وأرشدت إليه بالأدلة النقلية والعقلية، ولذا تخضع لها القلوب، وتطمئن لها النفوس، وتنشرح لها الصدور ([1])، كما قال تعالى: ] يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [[ يونس:57-58].
وتعني مرجعية نصوص الكتاب والسنة؛ الاطمئنان إليها، والثقة بصحة ما دلت عليه، واعتمادها منبعاً للقيم والنظم وضابطا للفكر، واليقين الجازم أن ما جاءت به هو الحق الذي لا مرية فيه، وأن توزن بها سائر الأقوال والأعمال فما وافقها فهو حق مقبول وما خالفها باطل لا قيمة له.
واعتماد نصوص الكتاب والسنة مصدراً رئيساً للمعرفة يستلزم الثبات عليها وعدم التنازل عنها بحجة التقارب الثقافي، أو قبول الآخر، أو استجابة لدعوة حوار يراد منه إنزال نصوص الوحي المعصومة منزلة الاجتهادات البشرية والآراء الشخصية المحتملة للخطأ والصواب.
والمسلم وهو يصدر عن نصوص الوحي يدرك ما تتمتع به من كمال ومن شمول لسائر جوانب الحياة البشرية رعاية وتوجيهاً؛ ففي العقيدة – وهي أخبار صادقة عن حقائق ثابتة - جاءت وافية بما يحتاج الناس إلى معرفته عن الله تعالى ووحدانيته، وعن الوحي والرسالة، والبعث بعد الموت، والجزاء الأخروي ...، وقد فصلها القرآن أتم تفصيل، وأقام عليها أظهر البراهين مما ينير درب المسلم، ويعصمه من التيه والضلال.
كما فصلت نصوص الوحي القول في العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، ويظهر فيها خضوعه لأمره كمّاً وكيفاً، وزماناً ومكاناً، لأن مبناها على الانقياد والتسليم، ولا مجال فيها للرأي والاجتهاد.
وأمَّا الأحكام العملية المتعلقة بتنظيم معاملات الناس وعلاقاتهم ببعض فلم تفصلها النصوص بل بينت أصولها والقواعد العامة فيها ليكون الناس في سعة في الأخذ بما يلائم بيئاتهم، وما يتفق ومصالحهم، في حدود الأسس والأصول التي وضعتها الشريعة لهم.
ومن لوازم مرجعية نصوص الكتاب والسنة وفاعليتها في البناء الثقافي للمسلم أن يوثق صلته بنصوصهما؛ علماً بها، وفهماً لمدلولاتها، وما تضمنته من الحكم والمصالح والأحكام، وأن يتجاوز علمه بها القدر الواجب معرفته على كل مسلم في العبادات والمعاملات والأخلاق والآداب وسائر التشريعات، وأن يلم بما يتصل بها من قواعد الاستدلال ومناهج الاستنباط، حتى يلج الحياة، وينفتح على آفاقها وهو يملك فكراً ورأياً مؤصلاً يسهم به في تنمية مجتمعه، وحل مشكلاته، ومواجهة التحديات التي تعترض طريقه.
([1]) انظر: ابن باز، عبد العزيز بن عبد الله، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (1423هـ)، الرياض، دار المؤيد، جمع: محمد بن سعد الشويعر (4/60 – 67) .