(وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(3-3)
حفظ السر
قال تعالى : (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) (النساء32)، أي : المستقيمات الدين العاملات بالخير، قانتات: أي مطيعات لله تعالى و لأزواجهن، حافظات للغيب: أي يحفظن عرضهن، ويكتمن ما يكون بينهن وبين أزواجهن في الخلوة، كما يحفظن مال أزواجهن فلا يضيعنه باتلاف أو تفريط، بما حفظ الله: أي ذلك بحفظ الله لهن وتوفيقه، كما أن الصالحة يكون لها من مراقبة الله تعالى وتقواه ما يجعلها محفوظة من الخيانة قوية على حفظ الأمانة(1).
فعن أبي هريرة قال : قيل لرسول الله أي النساء خير ؟ قال: (التي تسره إذا نظر ، وتطيعه إذا أمر ، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره)(2)، ولفظ الطبراني (ما أفاد عبد بعد الإسلام خيراً له من زوج مؤمنة ، إذا نظر إليها سرّته ، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله).
وعن أبي سعيد الخدري مرفوعاً (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها) رواه مسلم.
وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله والرجال والنساء قعود فقال: لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها؟ فأرم القوم ، فقلت : إي والله يا رسول الله ! إنهن ليفعلن ، وإنهم ليفعلون ، قال (فلا تفعلوا ، فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانه في طريق فغشيها والناس ينظرون)(3).
وبهذا يتضح قبح المزاح والهزل في خواص الأمور الزوجية، وتبادل النكات ونحوها فيها.
ويدخل في هذا الحفظ كل ما يكره الزوجان الجهر به وافشاءه، فلا يذكر أحدهما الآخر بسوء بين الناس ، ولا يفشي سره ، ولا يخبر بما يعرفه عنه من العيوب الخفية ، ولو مع سلامة النية والقصد.
(1) انظر تفسير ابن أبي حاتم (3/941)، والدر المنثور(2/514)، وتفسير الطبري(5/95).
(2) أخرجه النسائي ك النكاح باب أي النساء خير ح 3231-6/68 ، والحاكم ك النكاح باب أي النساء خير 2/161 وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي ، وأحمد 2/251 ، والطبراني في المعجم الأوسط ح 2136-3/71 ، وهو حسن الإسناد لأجل محمد بن عجلان .
(3) أخرجه أحمد ح(27624) (6/456).