بسم الله الرحمن الرحيم
رعاية حق الزوجية في الحياة وبعد الممات
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول (إنها كانت وكانت، وكان لي منها الولد) (1).
من فوائد الحديث:
1) في الحديث بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من كريم الخصال، وعظيم الصفات، من حسن العهد، وحفظ الود، والحلم، وحسن المعاشرة، ورعاية حرمة الصاحب والمعاشر حيّاً وميتاً، وإكرام معارف ذلك الصاحب.
2) وفيه فضل خديجة وعظيم قدرها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته لها.
3) وفيه أنه ينبغي للزوج أن يحفظ لزوجه المودة والتقدير حيّاً وميتاً، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو القائل (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
4) وفيه ثبوت الغيرة (2)، وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء فضلاً عمن دونهن، قال الطبري وغيره من العلماء: [الغيرة مسامح للنساء فيها ولا عقوبة عليهن في تلك الحالة لما جبلن عليه منها] ولكن ينبغي أن لا تتجاوز المرأة بغيرتها تلك إلى ما حرم الله عز وجل ورسوله.
5) فيه أن من أحب أحداً أحب محبوباته وما يتعلق به.
6) فيه تنبيه على خطأ ما يفعله بعض الناس من أن الواحد منهم إذا تزوج ثانية نسي فضائل الأولى وعشرتها له.
7) على الزوجة أن تسعى جاهدة لكسب ود زوجها، والتحبب إليه بحسن المعاملة وطيب المعاشرة، فالمرأة المحبوبة هي التي تعطي الرجل ما نقص من معاني الحياة، وتلد له المسرات من عواطفها كما تلد من أحشائها، فالمرأة وحدها هي التي تستطيع إيجاد الجو الإنساني لزوجها، فمن النساء من تدخل الدار فتجعله روضة ناضرة متروحة باسمة، مهما كانت مصاعب حياتهما، ومن النساء من تدخل الدار فتجعل فيها مثل الصحراء برمالها وقيظها وعواصرها، ومن النساء من تجعل الدار لزوجها هي القبر!
بقلم
الشيخ / خالد بن عبد الرحمن الشايع (3)
الهوامش:
(1) رواه البخاري 7/133.
(2) الغيرة: مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب، بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين (فتح الباري 9/320). وقال ابن الأثير: الغيرة الحمية والأنفة (النهاية 3/401).
(3) من كتابه لطائف وفوائد من الحياة الزوجية في بيت النبوة.