بسم الله الرحمن الرحيم
تقدير الحاجات النفسية (1-2)
قد يقتصر الزوجان على آداء الحقوق المادية والحسية ويغفلان عن الحاجات النفسية لخفائها، رغم أنها من أسباب استقرار الحياة الزوجية ؛ فمثلاً حق قوامة الرجل في بعض الأحيان يكون حاجة نفسية ليس له تفسير مادي، والإخلال به يربك الحياة الزوجية ويعطل كثيراً من مصالحها، فعلى الزوجة أن تتقبل قوامة الرجل ديانةً وتقديراً لهذه الحاجة النفسية، ومراعاةً للحاجات النفسية أمر الزوج بالعدل بين زوجاته في القسم حتى ولو كان بعضهن في حال مرض أو نفاس ونحوه، وتأمل تقدير الحاجات النفسية في بيت النبوة، تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف فطمثت، فدخل علي رسول الله وأنا أبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقلت: والله لوددت أني لم أكن خرجت العام. قال: مالك؟ لعلك نفست. قلت: نعم، قال: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري - إلى أن قالت - قلت: يا رسول الله يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة! قالت: فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله. قالت: فإني لأذكر وأنا جارية حديثة السن أنعس فيصيب وجهي مؤخرة الرحل، حتى جئنا إلى التنعيم، فأهللت منها بعمرة جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا) (1)، فعائشة رضي الله عنها حزنت أن يعود الناس بعمرة وحج وترجع هي بحج فقط مع علمها بأن حجها قد أغنى عن العمرة، فقدّر النبي صلى الله عليه وسلم رغبتها هذه، وأذن لها أن تأتي بعمرة قبل أن ترجع إلى المدينة، وانتظر حتى تقضي عمرتها.
فلا مانع من تلبية الحاجات النفسية التي قد لا نرى لها مبرراً ما دامت حلالاً وفي النفس لها تأثير.
الهوامش:
(1) أخرجه مسلم باب بيان وجوه الإحرام ح 1211-2/873.