الحلقة(7) حجية السنة النبوية(2-2)
تناولنا في الحلقة السابقة حجية السنة من القرآن، ونستكمل بقية الحديث عن حجيتها في هذه الحلقة.
2 ـ من السنة:
قد ثبت أن توجيه النبي ﷺ لأصحابه ومن تبعهم إلى يوم الدين بتبليغ هديه مع وعي ما يبلغهم إياه ليؤكد أهمية السنة ومكانتها.
فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:«نضر الله امرءًا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وبلغها من لم يسمعها، ثم ذهب بها إلى من لم يسمعها، ألا فرب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من أفقه منه»(1)وقد حذَّر النبي ﷺ من الإعراض عن السنة بدعوى الاقتصار على القرآن الكريم، وذلك بقوله ﷺ في حديث أبي رافع:«لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر في أمري مما أمرت به ونهيت عنه يقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه»(2)
وهنا إشارة أن طاعة الرسول ﷺ بعد مماته إنما تكون بالاتباع والسير على المنهج الذي وصفه لأمته ولا يلتفت إلى دعوى أهل الزيغ في التشكيك بسنته ﷺ والعمل على حرف الأمة عن النصوص التي هي قوام هذا الدين العظيم، سواءً كان بالتشكيك فيه أو بالتأويل الذي يخرجه عن حقيقته.
وسبق أيضًا حديث العرباض بن سارية:«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة».(3)
3 ـ الإجماع:
أجمع علماء الأمة على حجيتها واعتبارها مصدر أساس من مصادر التشريع الإسلامي، وهي حجة كالقرآن الكريم.
يقول الشافعي: (أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله ﷺ لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس).
ويقول ابن حزم: (ومن جاءه خبر عن رسول الله ﷺ فقرأ أنه صحيح، وأن الحجة تقوم بمثله، أو قد صحح مثل ذلك الخبر في مكان آخر، ثم ترك مثله في هذا المكان لقياس، أو لقول فلان وفلان فقد خالف أمر الله وأمر رسوله ﷺ واستحق الفتنة والعذاب الأليم).
ويقول الشوكاني: (إن ثبوت حجية السنة المطهرة، واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية ولا يخالف في ذلك إلا من لا حظ له في دين الإسلام).
__________________________________________
(1) (صحيح الترغيب[90]).
(2) (منزلة السنة[10]).
(3)(المعجم الأوسط[28/1]).