آثار الذكر على النفس والمجتمع

ثانيًا: آثاره على المجتمع:

1-الذكر ينهى عن الفحشاء والمنكر:

إن الذاكر في حالة مراقبة دائمة لنفسه، يحاسبها ويؤنبها، فإذا أخطأ وأذنب أناب إلى الله تعالى وتاب إليه، وإذا ظلم أو اعتدى أعاد المظلمة لأهلها وردّ حقوق أصحابها، لأنه يخاف الله الذي لا تخفى عليه خافية، ثم إن الذاكر في حالة تواصل وتقرب من الله تعالى وتعهد معه على الصراط السوي، فلا يمكن من تكون هذه حاله أن يرتكب الفواحش والمنكرات، يقول تبارك وتعالى:{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}(1).

فلا يلتقي سبيل الاستقامة والهداية الذي يدعو إليه الله مع سبيل الانحراف والغواية الذي يدعو إليه الشيطان، يقول تعالى:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}(2).ويقول: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}(3)

وهذا يعني أن مع الذكر تنتشر الفضيلة في المجتمع، وتسود القيم والأخلاق بين أبنائه، وتزول الرذيلة وأسبابها، بخلاف المجتمع الذي يغفل أبناؤه عن ذكر الله، فتتمكن الشياطين منهم وتزين لهم الفواحش والمنكرات، حتى يتحول هذا المجتمع إلى غابة مليئة بالعقد الاجتماعية والمشكلات الأخلاقية، والحرمان الاقتصادي وغيره، يقول تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ}(4).

2-الذكر يقوي الروابط بين أبناء المجتمع:

إن ذكر الله تعالى يغذي روح المحبة والتعاون بين أبناء المجتمع، لأنه يطرد الشياطين من بينهم، فتصفى قلوبهم وتتمازج مشاعرهم، وتتوحد قضاياهم المصيرية، وبالتالي لا يبقى في المجتمع مكان لأسباب الفرقة والتمزق من الحقد والكراهية والشحناء.

ثم إن كثيرًا من أنواع الذكر هي بحد ذاتها عوامل تساعد على تقوية الروابط بين الناس وتزيد فيهم الحب والمودة، كإفشاء السلام الذي قال عنه ﷺ: «أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم »(5)، وكذلك الإنفاق بالزكاة والصدقات التي تعدّ من الأذكار الفعلية، وأيضًا التناصح والتزاور والإهداء والابتسامة وغيرها من أشكال الذكر القولية أو الفعلية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [العنكبوت: 45]

(2) [يونس: 25]

(3) [فاطر: 6]

(4) [ طه: 124]

(5) أخرجه مسلم (ص44، رقم 54) كتاب الإيمان، باب لا يدخل الجنة إلا مؤمن وأن محبة المؤمنين من الجنة، وأن إفشاء السلام سبب لحصولها.



بحث عن بحث