مواطن انحراف الخوارج عن السنة (4-7)
5ـ كما أنكروا أيضا قول الرسول في الوصية بدعوى أن القرآن يدفعها : ( قالوا: رويتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا وصية لوارث ) (1) ، والله تعالى يقول : " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا ، الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين " ] البقرة : 180 [ والوالدان وارثان على كل حال ، لا يحجبهما أحد عن الميراث ، وهذه الرواية خلاف كتاب الله عز وجل (2) وهم يسقطون وظيفة السنة المطهرة التي تبين وتخصص ، وتقيد ، ما ورد في الكتاب من آيات عامة المعنى أو مطلقته أو هي في حاجة إلى بيان وشرح من أعلم الناس بالكتاب وهو الرسول صلى الله عليه وسلم ، والمعلوم أن السنة قضت بأن لا وصية لوارث ، وهو معنى خرجه الستة بالإضافة إلى مالك في الموطإ وأحمد في مسنده .
6ـ وخالفوا السنة في الأمر بقطع يد السارق متى توفرت شروط إقامة الحد ، ذلك أن الأزارقة ذهبوا إلى قطع ( يد السارق في القليل والكثير ، ولم يعتبروا في السرقة نصابا ) (3) معولين في ذلك على فهمهم لظاهر الآية الكريمة التي تقول : " والسارق والسارقة ، فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله ، والله عزيز حكيم " ]المائدة : 38 [ والحال أن السنة قد خصصت الآية المذكورة وقالت : إنه لا يجوز القطع إلا إذا بلغت السرقة نصابا حده الأدنى ربع دينار أو ثلاثة دراهم (4) ، وأن يكون المسروق حرزا ، فقد صح عن عائشة قولها : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا ) ، كما صح عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ( وهو الترس ، أو ما يستتر به ) ثمنه ثلاثة دراهم (5) .
(1) البخاري ـ الوصايا ـ باب لا وصية لوارث ـ فتح الباري 5 / 372 ـ أبو داود ـ وصايا ـ باب ما جاء في الوصية للوارث 3 / 114 عدد الحديث 2872 ـ الدارمي 2 / 301 .
(2) التفسير والمفسرون 2 / 313 .
(3) الفرق بين الفرق 84 .
(4) يروى لأبي العلاء قوله :
يد بخمس مئين عجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار
فأجابه القاضي عبد الوهاب المالكي :
صيانة العضو أغلاها وأرخصها صيانة المال فافهم حكمة الباري
(فتح الباري 15 / 104 ) .
(5) الموطإ 519 .