مواطن انحراف الخوارج عن السنة (3-7)
4- ومن الأمثلة على مخالفتهم لما صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ما جاء عن الأزارقة من أنهم أسقطوا الرجم عن الزاني (1) بدعوى أن القرآن لم يشر إلى الرجم . قالوا : ( رويتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ، ورجمت الأمة من بعده ، والله تعالى يقول في الإماء : (( فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب )) ] النساء : 25 [ والرجم إتلاف للنفس ، لا يتبعض ، فكيف يكون على الإماء نصفه ؟
وذهبوا إلى (أن المحصنات هن ذوات الأزواج وقالوا : وفي هذا دليل علي أن
المحصنة حدها الجلد ) (2) .
كما أسقطوا حد القذف عمن قذف المحصنين من الرجال مع وجوب الحد علي قاذف المحصنات من النساء (3) .
وإسقاط الأزارقة للرجم يتنافى مع سنة الرسول ، فقد جاء عن عمر بن الخطاب أنه قال : ( رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجم أبو بكر ورجمت ، ولولا أني أكره أن أزيد في كتاب الله ، لكتبته في المصحف فإني قد خشيت أن أقوام فلا يجدونه في كتاب الله فيكفرون به ) ، ويقوم الإمام أبو عيسى الترمذي عن هذا الحديث : حديث عمر ، حسن صحيح (4).
كما أن قصة ماعز (5) والغامدية (6) ، وقصة العسيف (7) وغيرها ، تثبت أن الرسول رجم الزناة المحصنين .
أما إسقاطهم حد القذف فيعود إلى سوء فهمهم لظاهر النص فقد قال تعالى : (( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ، وأولئك هم الفاسقون )) ]النور: 4 [ .
فرأوا أن حد القذف مقصور على من يقذف المحصنات دون المحصنين . والفهم الصحيح للآية الشريفة يقتضي إدخال المحصنين ضمن الحكم قياسا (8).وهكذا نرى أنهم يحجمون عن استخدام القياس المحمود كما هو الحال بالنسبة لآية القذف ، في حين يتمسكون بالقياس المذموم والتأويل المتعسف كما رأينا عند الأزارقة في قياسهم تكفير صاحب الذنب على إثم إبليس الذي اقترف ذنبا واحدا ، فكفر وخلد في النار .
(1) مقالات الإسلاميين 1/ 173 .
(2)التفسير و المفسرون 2/ 313
(3) مقالات الإسلاميين 1/ 174
(4) سنن الترمذي 4 / 38 .
(5) قصة ماعز بن مالك الأسلمي ، انظرها في البخاري ـ الحدود ـ باب لا يرجم المجنون ـ حديث رقم 6815 ـ متن فتح الباري 12 / 120 ـ 121 .
(6) مسلم ـ الحدود ـ باب من اعترف على نفسه بالزنى 3 / 1321 ـ حديث رقم 1695 ، 1696 .
(7) البخاري ـ الحدود ـ باب الاعتراف بالزنى ـ عدد الحديث 6827 متن فتح الباري 12 / 136.
(8) جامع بيان العلم وفضله 2 / 82