الزكاة والجود والإنفاق (3-5)

الحمد لله الذي أنعم علينا بالأموال، وشرع لنا تصريفها بالطرق الحلال، فيما يرضي الكبير المتعال، وصلى الله على نبينا محمد صاحب أفضل الخصال، وعلى آله وأصحابه، أما بعد:

فقد تحدَّثنا فيما سبق من وقفات عن أهمية الزكاة في الإسلام، وضرورة الإِنفاق في سبيل الله، والفضل العظيم الذي أعده الله سبحانه وتعالى للمنفقين أموالهم في السرَّاء والضرَّاء، والوعيد الشديد لمن بخل وشحّ وأمسك ماله.

وفيما يلي نواصل الحديث في الموضوع نفسه، ولنا فيه وقفات:

الوقفة الخامسة:

إن من أهم شروط إخراج الزكاة: النية الصالحة، فالأَعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، ولقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}(1)، فعلى المخرج: الإِخلاص والتجرد، فلا يبتغِ بذلك رياء ولا سمعة، فإنها بذلك تكون عليه حسرة ووبالًا، وقد ذكر رسول الله ﷺ أن الذين يبتغون الرياء والسمعة وغيرها من المقاصد الدنيوية الفاسدة يعرضون أنفسهم لخطر عظيم، فقد روي في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «أول الناس يقضى يوم القيامة عليه ثلاثة... وذكر منهم: رجلًا وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليُقال: جواد – أي سخي كريم – فقد قيل، فسحب على وجهه ثم أُلقي في النار«(2).

ومما يساعد على الإِخلاص: الإِسرار في إخراجها، فهو أبعد عن الرياء والسمعة، وادعى للتجرد، وأبعد عن ذل الفقير، وقد ورد أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه(3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [البينة: 5]

(2) رواه مسلم (3/1513)، برقم(1905) في الإِمارة، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار، وأحمد في المسند (2/322).

(3) رواه البخاري (12/112)، برقم(6806) في الحدود، باب فضل من ترك الفواحش (3/292)، برقم(1423) في الزكاة، باب الصدقة باليمين، ومسلم (2/715) (1031) في الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة.



بحث عن بحث