قيام الليل والتراويح (3-3)

 

الوقفة الرابعة:

من هدي السلف الصالح في هذه الصلوات المباركة: التأني فيها، والطمأنينةُ بأدائها، بل كانوا يطيلونها جدًّا، بل روي عن بعضهم أنهم يعتمدون على العصيّ من طول القيام.

وهذا يشعرنا بأن من يسرع فيها سرعة مخلة أو لا يطمئن فيها، أو يكون همه أكبر قدر ممكن من القراءة دون تدبُّر وخشوع؛ فهذا أخطأ على نفسه إن كان منفردًا، وأخطأ على المصلين إن كان إمامًا، لكن ينبغي أن لا تعني هذه الإطالة إرهاق المأمومين وتحميلهم ما لا يطيقون، فينفرون منها، والاعتدال في كل شيء مطلوب.

 

قبل أن نختم حديثنا عن هذه الشعيرة المباركة، وفي لمحة على واقع بعض المصلين، نجد اهتمامًا يسر المؤمن بهذه الصلاة، وتجاوبًا وتفاعلًا أرجو أن يثاب عليه، غير أنه يطغى على بعض الناس طلب إمام  معين – وقد يكون بعيدًا عن منزله – فيفوِّت الفريضة مع الجماعة أو بعضها، وهذا بلا شك طلب أجرًا وأخفق فيما هو أهم منه، ومثل هذا ينبغي أن يصلي في مسجده القريب، أو يبكر للصلاة فلا تفوته الفريضة.

وهمسة أخرى لتلك النساء المؤمنات الحريصات على فعل الخير وطلبه، واللاتي يسرعن الصلاة التراويح في المساجد، وتلك محمدة طيبة، وقد قال رسول الله : «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله»(4)، ولكن لتعلم كل مؤمنة- بإيجاز سريع – أن صلاتها في بيتها أفضل، وإذا خرجت إلى المسجد فلتطبق آداب الخروج: من التزام الحجاب الشرعي، عدم التطيب والزينة، وأن لا تخرج مع السابق لوحدها؛ لتطلب أجرًا وترتكب إثمًا.

 

أخي المسلم:

هذا الشهر الكريم ما هو إلا ليالٍ معدودة، وأوقات محدودة، فالموفَّق من يغتنمها قبل فواتها؛ بالاجتهاد في الطاعات، ليفوز برفع الدرجات، وزيادة الحسنات، وتكفير السيئات، بإذن الله تعالى.

أسأل الله جل وعلا أن يمن علينا بالمغفرة والرضوان، والعتق من النيران، إنه سميع مجيب وهو المستعان.

_________

(4) رواه البخاري (2/382) (900) في الأذان، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل، ومسلم (1/327)، برقم(442) في الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد.



بحث عن بحث