المقدمة

 

الحمد لله الذي فرض الحج إلى بيته الحرام, ورتب عليه جزيل الثواب ووافر الأنعام, وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أهل الفضل والإكرام, والتابعين ومن تبعهم وسار على نهجهم إلى يوم الفصل بين الأنام.. وبعد:

فإن من فضل الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة أن فرض فرائض على عباده, وجعلها سبحانه أفضل الأعمال, ومن ذلك: الحج إلى بيته الحرام قال تعالى: ( وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) ورتب على هذا العمل الأجر العظيم, والثواب الجزيل, قال عليه الصلاة والسلام: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) (1).

وقد بذل علماء الأمة في تاريخها جهوداً كبيرة في بيان هذا الركن العظيم, وأحكامه, وحكمه, جمعاً لنصوصه, وشرحاً لها, واستنباطاً لأحكامه, واستخراجاً لحكمه وفضائله, وتفصيلاً لمسائله, وبياناً لفقهها, وعلاجاً لما يطرأ على الحاج من مسائل في كتب مؤلفة, أو رسائل موسعة ومختصرة, وقد نفع الله بها, وأفاد منها العلماء وطلاب العلم وسائر المسلمين فجزاهم الله عن الأمة خير الجزاء, وقبلهم حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع, ورواها الصحابة رضوان الله عليهم مختصرة ومفصلة كما رواه جابر رضي الله عنه واستنبط منها الشرّاح الأحكام والحكم, والفضائل والآثار, فهذا التشريع العظيم بأحكامه وحكمه ودلالته, مبسوط في بطون الكتب.

وهذه الدروس التي بين أيدينا أصلها حلقات أذيعت في إذاعة القرآن الكريم في الرياض في عام 1408هـ, ثم طلب بعض المستمعين تنقيحها وطباعتها, فشرح الله تعالى الصدر لذلك فعزمت على إخراجها, أسأل الله تعالى أن تكون نافعة, مذكرة لطالب العلم, ومعلمة لمن لا يعلم, ومنبهة للغافل, حاولت فيها تسهيل الأسلوب, ووضوحه قد الإمكان, وانتهجت فيها ما يلي:

- جعلتها على شكل وقفات متنوعة لتكون أسهل في الوصول إلى المراد تضمنت بعض المعاني للحج من مكانة, وأهمية, وآثار, وفضائل, ومعالم لدلالته, ومكانة البيت الحرام, ثم الأحكام الأساسية للحكم وشروطه, وأركانه, وواجباته, وأحكام النيابة فيه, ثم ما ينبغي فعله قبل الحج, وعند الوصول إلى الميقات, وصفة الحج بشيء من التفصيل من الميقات إلى الوداع مع بيان بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج للتنبيه عليها, وختمت الدروس بأحكام زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وماذا ينبغي على الحاج فعله بعد الحج, كل ذلك ربطاً بالأدلة من القرآن الكريم والسنة المطهرة مع عزوها إلى مصادرها وبيان درجتها كما اعتمدت منهج جمع المعلومات وتلخيصها دون الإكثار من النقل عن كتب أهل العلم قديماً وحديثاً وإلا فقد استفدت في كتابته من عدد منها, أجزل الله تعالى الثواب لأهلها.

كما أنبه إلى أنني لم أعتني هنا بذكر خلاف أهل العلم في مسائل الخلاف فالكتاب هو دروس يستفيد منه كل حاج أو حملة حج وليس كتاباً للتفصيل العلمي فهذا مظانه المراجع الكبرى التي تدرس في الجامعات أو على طلاب مخصوصين, وهي موجودة ولله الحمد والمنة.

أسأل الله تعالى أن ينفع به, وأن يجعله من المدخرات في الحياة وبعد الممات, وأن يرزقنا جميعاً الإخلاص في الأقوال والأعمال والإقتداء بحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم, وأن يعين الحجاج والعمّار على أداء مناسكهم كما حج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


(1) أخرجه مسلم(4: 107 رقم 3358).

 

 



بحث عن بحث