فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه(3)

 

كلام الشوكاني والمناوي في معنى الحديث:

 

وقال الإمام الشوكاني :" في الحديث ــ أي حديثنا موضع الدراسة ــ دليل على أن المشتغل بالقرآن تلاوة وتفكرا يجازيه الله أفضل جزاء ويثيبه أعظم إثابة .

وقوله ( وفضل كلام الله ... إلخ ) هذه الكلمة لعلها خارجة مخرج التعليل لما تقدمها من أنه يعطي المشتغل بالقرآن أفضل ما يعطي السائلين ، ووجه التعليل : أنه لما كان الاشتغال بكلام الرب سبحانه وتعالى الفائق على كل كلام ، كان أجر المشتغل به فوق كل أجر "(1)

وقال الإمام المناوي في بيان معنى قوله :" ( فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه ) لأن بلاغة البيان تعلوا إلى قدر علو المبين ، والكلام على قدر المتكلم ، فعلو بيان الله على بيان خلقه ، بقدر علوه على خلقه .

 فبيان كل مبين على قدر إحاطة علمه ، فإذا أبان الإنسان عن الكائن أبان بقدر ما يدرك منه ، وهو لا يحيط به علمه ، فلا يصل إلى غاية البلاغة في بيانه ، وإذا أنبأ عن الماضي فبقدر ما بقي من ناقص علمه ، لما لزم الإنسان من النسيان ، وإذا أراد أن ينبئ عن الآتي أعوزه البيان كله إلا بقدره ، فبيانه في الكائن ناقص ، وفي الماضي أنقص ، وبيانه في الآتي ساقط (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ) [ القيامة / 5 ]

وبيان الحق ــ سبحانه وتعالى ــ عن الكائن بالغ إلى غاية ما أحاط به علمه (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ) [ الملك / 26 ] ، وعن المنقطع ــ الماضي ــ كونه بحسب إحاطته بالكائن ، وسبحانه من النسيان (لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى) [ طه / 52 ] وعن الآتي فيما هو الحق الواقع (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ)[ الأعراف / 7 ] والمبين الحق لا يوهم بيانه إيهام لنسبة النقص لبيانه ، والإنسان يتهم نفسه في البيان ، ويخاف من نسبة العي إليه فيضعف مفهوم بيانه ، ومفهوم بيان القرآن أضعاف أضعاف إفصاحه (2)

 

 


 


 (1)ـ تحفة الذاكرين ص 392 .

 (2)ــ إرشاد البصير إلى ترتيب فيض القدير ( 6 / 3870 ) .        

 



بحث عن بحث