الحلقة العاشرة

النقد في عهد الصحابة رضوان الله عليهم

سلك نقد المتون في عهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلك التحرز والحماية لجناب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  وتنوع  احترازهم  بالأنواع التالية

1-الحث على  التقليل من الرواية: خشية أن  يكثر الغلط لأن كثرة الحديث مظنة الغلط؛ لذا جاء هذا المبدأ لحماية جناب الوحي الثاني ، ولئلا  يتشاغل الناس عن القرآن الكريم، وكذا يختلف بعضهم من بعضهم في رواية الحديث، فيكون ذلك سببا في الاختلاف بين الناس .

فقد روى أبو مليكه  قال: إن الصديق رضي الله عنه جمع الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إنكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً، فلا تحدثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه(1)

2-استشهاد الراوي بشاهد

* عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال:جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديقرضي الله عنهتسأله ميراثها، فقال أبو بكر رضي الله عنه:ما لك في كتاب الله شيء، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، فارجعي حتى أسأل الناس. فسأل الناس؛ فقال المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله عنه فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة؛ فانفذه أبو بكر الصديق..)(2).

3-استحلاف الراوي:

"لم يكن الصحابة رضوان الله عليهم يكذب بعضهم بعضاً،  فجميعهم عدول 

فأخرج  أبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه ،  عن أسماء بن الحكم الفزاري أنه سمع علياً رضي الله عنه يقول: ( كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه، وكان إذا حدثني عنه غيره استحلفته، فإذا حلف صدقته، وحدثني أبو بكر- وصدق أبو بكر- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من عبد مسلم يذنب ذنبا، ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له"(3).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الذهبي: تذكرة الحفاظ (1/ص 3).

(2) الموطأ (الفرائض- باب ميراث الجدة 2/532 رقم 4).

  (3)  أبو داود في "سننه" (1 / 561) برقم: (1521) والترمذي في "جامعه" (1 / 431) برقم: (406) ، (5 / 107) برقم: (3006) وابن ماجه في "سننه" (2 / 403) برقم: (1395)



بحث عن بحث