الحلقة (14) الاهتمام بالسنة النبوية عبر العصور المختلفة (1-2)

لقد حظيت السنة النبوية ولله الحمد والمنة بجهود علمية كبيرة منذ عصر الرسول ﷺ، ولا زالت هذه الجهود تتوالى إلى عصرنا هذا فالمشاهد اليوم أن العلوم التي تخدم السنة النبوية أصبحت ولله الحمد في متناول طلاب العلم ومن خلال الكليات والمعاهد بمختلف أقسامها وفروعها وقام عليها العلماء والمختصون.

هذا في الجهد الرسمي، أما الجهد المؤسسي أو الأفراد فلا زال التنافس قائمًا.

وهنا أذكر إشارات من منطلق الحث على فهم السنة ونشرها الوارد في مثل قوله  عليه الصلاة والسلام  في الحديث المتواتر: «نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع»(1)،ومثل قوله عليه الصلاة والسلام: «بلغوا عني ولو آية»(2) وفي مثل قوله ﷺ: «العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر»(3)، وذلك بشيء من الإيجاز لضرورة المقام.

من هذه المنطلقات وغيرها تسابق الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين إلى تلقي السنة وتعلمها وتعليمها ونشرها، حتى أخذ كل عصر سماته التي يتسم بها.

ففي عصر الرسول ﷺ:

كان الاهتمام في عصره عليه الصلاة والسلام بالقرآن الكريم، حفظًا في الصدور وفي السطور، وفي بداية الأمر نهى النبي ﷺ عن كتابة غيره لئلا يختلط به، فقال عليه الصلاة والسلام: «لا تكتبوا عني غير القرآن، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه»(4)

لكن مع ذلك سمح بالكتابة لأفراد استأذنوا فأذن لهم؛ ووجدت كتب وصحائف، ومن ذلك ما أذن فيه لأبي شاه، وعبد الله بن عمرو بن العاص.
_____________________________

(1)(حديث الآحاد [12]).

(2) (صحيح البخاري[3461]).

(3)(سنن أبي داوود[3641]).

(4) (صحيح مسلم [3004]).



بحث عن بحث