الحلقة(10)الحث على فهم السنة النبوية والعمل بها(1-2)

(ما جاء في السنة النبوية من الحث على طاعة الرسول واتباع سنته)

الحث على طاعته واتباع سنته وفهمها وتطبيقها من السنة المطهرة، جاء ذلك من عدة أوجه من السنة، ومن ذلك:

1 ـ الحث على طاعته صراحة، وأنها من طاعة الله تعالى، وهذا يحتم ضرورة فهمها وتطبيقها، روى البخاري وغيره عن أبي هريرة  رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال:«كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى» قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: «من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى»(1) فنلحظ هنا تعليق دخول الجنة ـ وهي الغاية العظمى التي يسعى إليها ـ على طاعته واجتناب معصيته.

2 ـ أنه جعل طاعته من طاعة الله سبحانه وتعالى، روى البخاري وغيره عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال:«من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني»(2) 

 ـ أنه جعل محبته أعظم المحاب وأعلاها، وهذه لا تكون إلا لمطاع، فيجب فهم سنته وطاعته حتى يوصل إلى هذه الغاية العظمى، روى البخاري رحمه الله عن

أنس أن النبي ﷺ قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»(3)

بل لا يجد طعم الإيمان إلا من اتصف بهذه الصفة، فقد روى البخاري أن النبي ﷺ قال:«ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذَف في النار»(4)

وبلا شك أن هذه المحبة لا تكمل إلا بطاعته ﷺ: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ}(5)

4 ـ الحث الصريح على التمسك بسنته ﷺ واتباعها والعض عليها بالنواجذ، فعن العرباض بن سارية قال: صلى بنا رسول الله ﷺ الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منا القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ فقال:«أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن كان عبدًا حبشيًّا، فإن من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»(6)

يقول ابن رجب : (وهذا إخبار منه ﷺ بما يقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه وفي الأعمال والأقوال والاعتقادات، وهذا موافق لما روي عنه من افتراق أمته على بضع وسبعين فرقة، وأنها كلها في النار إلا واحدة، وهي ما كان عليه هو وأصحابه، ولذلك في هذا الحديث أمر عند الافتراق والاختلاف بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، والسنة هي: الطريق المسلوك فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال الأقوال، وهذه هي السنة الكاملة).

5 ـ في مقابل الطاعة حذر عليه الصلاة والسلام من مخالفته، أو التقول عليه، أو إحداث أمر في الدين من غير ما جاء به ﷺ، وهذا كله يوجب فهم سنته واتباعها على الوجه السليم، روى مسلم وغيره عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال:«من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»(7) وفي رواية: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»(8) وروى البخاري ومسلم في التحذير عن مخالفة السنة عن أنس أن رسول الله ﷺ قال:«فمن رغب عن سنتي فليس مني»(9)
_________________________________

(1) (صحيح البخاري[7280])

(2) (صحيح البخاري[7137]).

(3) (صحيح البخاري[15]).

(4) (صحيح البخاري[16]).

(5) [آل عمران: 31].

(6) (مجموع الفتاوى [20/309 ]).

(7) (صحيح مسلم [1718]).

(8)  (صحيحبن حبان[26]).

(9) (صحيح مسلم [1401]).




بحث عن بحث