بشارات الإنجيل بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم

 

الإنجيل يقصد به الكتاب الذي أنزله الله على عيسى بن مريم عليه السلام إبان رسالته إلى بني إسرائيل ، يقول عنه العالم الألماني " أكهارن " :" إنه كان في ابتداء الملة المسيحية توجد رسالة مختصرة يجوز أن يقال إنها هي الإنجيل الأصلي ، وإنها وضعت للمريدين الذين كانوا لم يسمعوا أقوال المسيح بآذانهم ولم يروا أحواله بأعينهم ، وكان هذا الإنجيل بمنزلة القلب ، وما كانت الأحوال المسيحية مكتوبة فيه على الترتيب "

ومن ذلك يتبين احتمال أن هذه الرسالة كانت المرجع لجميع الأناجيل التي كانت رائجة في القرن الأول والقرن الثاني الميلادي ، والتي وصلت إلى اكثر من سبعين كتابا أو إنجيلا ، ومنها الأناجيل الأربعة التي اختارها مجمع نيقية المسكوني سنة ( 325م ) أي في الربع الأول من القرن الرابع الميلادي ، والمتداولة بين النصارى حاليا ، لكن هذه الرسالة الأصلية فقدت ولم يعثر لها على أثر وبقيت الكتب التي اعتمدت على رسالة الإنجيل الأصلي ، لذلك نسب كل منها إلى من حرره" (1)

وإليك بعض البشارات التي وردت في بعض الأناجيل :

 

البشارة الأولى :

" قال يوحنا الإنجيلي: قال يسوع المسيح في الفصل الخامس عشر من إنجيله: "إن الفارقليط روح الحقّ الذي يرسله أبي هو يعلمكم كلّ شيء"(2).

(فالفارقليط) هو: محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله بعد المسيح، وهو الذي علّم الناس كلّ شيء، قال يهودي لرجل من الصحابة(3): علمكم نبيّكم كلّ شيء حتى الخراء؟ فقال أجل: "لقد نهى أن يستقبل أحدنا القبلة ببول أو غائط"(4) .

وقد سماه المسيح (روح الحقّ) وذلك غاية المدحة وأعلى درجات المنحة.

 وقد اختلف النصارى في تفسير لفظة الفارقليط على أقوال: فقيل: إنه (الحماد). وقيل: (الحامد). وقيل: (المعز). وأكثر النصارى على أنه (المخلِّص). فإن فرّعنا عليه فلا خفاء بكون محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم مخلِّصاً للناس من الكفر والمعاصي والجهل. ومنقذهم من دركات الهلاك بإرشادهم إلى توحيد الله وعبادته.

 قال عليه السلام: "إني آخذ بحجركم وأنتم تقحمون في النار"(5)

وبذلك سمّى المسيح نفسه في الإنجيل؛ إذ قال: "إني لم آت لأدين العالم بل لأخلّص العالم"(6).

والنصارى يقرؤون في صلاتهم: "يا والدة الإله لقد ولدتي لنا  مخلّصاً". وإذا كان المسيح مخلّصاً لا بدّ من مخلص آخر لأمته.

فأما على بقية الأقوال، فليس لفظ أقرب إلى محمّد من الحامد والحماد. فقد وضح أن (الفارقليط) هو: محمّد عليه السلام(7) .


(1) بشائر الرسالة المحمدية للمستشار محمد عزت الطهطاوي ، ط : مكتبة النور ـ

(2) ورد النّصّ في الإنجيل14/26،كالآتي:"وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كلّ شيء ويذكركم بكلّ ما قلته لكم". وقد وردت بشارات الأناجيل المصرخة بلفظ(الفارقليط)في المراجع الآتية:الدين والدولة ص174،185، أعلام النبوة ص211-213، الجواب الصّحيح 4/6-8، هداية الحيارى ص 117-134، تحفة الأريب ص 267-270، الإعلام بمناقب ص 203، للعامري، الإعلام ص 268-270، للقرطبي، النصيحة الإيمانية ص 319-320، مقامع هامات ص 550، محمّد صلى الله عليه وسلم ص 219، 229، عبد الأحد داود، محمّد صلى الله عليه وسلم ص 72، إبراهيم خليل، الرسالة السبعية بإبطال الديانة اليهودية ص 40، للمهتدي إلى الإسلام الحبر إسرائيل ابن القطان شموئيل الأورشليمي، الفصل في الملل والنحل1/195،الأجوبة الفاخرة ص165،168، السيرةالنبوية1/295، لابن هشام.ـ

(3) هو سلمان الفارسي رضي الله عنه. والقائل له ذلك هو: رجل من المشركين وليس من اليهود كما ذكر المؤلِّف

 (4) أخرجه مسلم ، كتاب الطهارة ، باب الاستطابة ( 262 ) وأبو داود ، كتاب الطهارة ، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة ( 7 )، والترمذي ، كتاب الطهارة ، اللستنجاء بالحجارة ( 16 )وقال : حديث حسن صحيح .

(5) أخرجه البخاري ، كتاب الرقاق ، باب الانتهاء عن المعاصي ( 6483 )

(6) يوحنا 47 / 12 .

(7)إن الطبعات الحديثة للأناجيل لا توجد فيها لفظة: (فارقليط). وأبدلت بألفاظ أخرى مثل: (المُعزي، المحامي، المعين، المخلص، الوكيل، الشافع). علماً بأن كلمة (الفارقليط) كانت موجودة في الترجمة العربية للأناجيل المطبوعة في لندن سنة 1821م، 1831م، 1844م. وقد وقفت على مخطوطة لترجمة التوراة والزبور والإنجيل في إسطنبول بمكتبه عاطف أفندي تحت رقم: (7). وفيها ذكرت لفظة (الفارقليط). ومعلوم لدينا أن اليهود والنصارى يسعون إلى إخفاء البشارات بالنبيّ صلى الله عليه وسلم من كتبهم المقدسة لديهم أو تحريف معناها. وذلك مما أخبرنا الله عزوجل عنهم فقال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [سورة البقرة، الآية: 146]. فما معنى كلمة: (فارقليط) التي اخلف النصارى في معناها؟ إن (فارقليط) معربة من كلمة: (بيركليتوس) اليونانية) التي تعني اسم: أحمد، صيغة المبالغة من الحمد. والأدلة على ذلك كثيرة منها:

1- شهادة العلامة علي بن ربنّ الطبري - الذي كان مسيحياً فأسلم - في القرن الثالث الهجري بذلك في كتابه: الدين والدولة ص 184.

2- إن هذه الكلمة كانت سبباً في إسلام القس الأسباني: أنسلم تورميدا في القرن التاسع الهجري بعدما أخبره أستاذه القسيس (نقلاً ومرتيل) - بعد إلحاح منه - أن الفارقليط هو اسم من أسماء محمّد صلى الله عليه وسلم. فكان ذلك سبباً في إشهار إسلامه وتغيير اسمه إلى عبد الله الترجمان وتأليف كتابه: تحفة الأريب في الرّدّ على أهل الصليب، وذكر فيه قصته مفصلة. ر: ص: 65-75.

3- شهادة القسيس (دافيد بنجامين كلداني) - الذي هداه الله إلى الإسلام وغيّر اسمه إلى: (عبد الأحد داود) - في كتابه القيم: (محمّد في الكتاب المقدس) بذلك فقد وضح فيه أن الفارقليط ليس هو الروح القدس وليس أي شيء يدعيه النصارى، وإنما هو اسم محمّد صلى الله عليه وسلم. وبيّن ذلك بأدلة من نصوص الأناجيل وقواميس اللغة اليونانية. (ر: ص: 207-229 من كتابه المذكور).

4- ذكر الأستاذ عبد الوهّاب النجار في قصص الأنبياء ص 397، 398، أنه كان في سنة 1894م زميل دراسة اللغة العربية للمستشرق الإيطالي. (كارلو نالينو) وقد سأله النجار في ليلة 27/7/1311هـ ما معنى: (بيريكلتوس)؟. فأجابه قائلاً: إن القسس يقولون إن هذه الكلمة معناها: (المعزي). فقال النجار: إني أسأل الدكتور كارلونالينو الحاصل على الدكتوراه في آداب اليهود باللغة اليونانية القديمة.ولست أسأل قسيساً.فقال:إن معناها:"الذي له حمد كثير".فقال النجار: هل ذلك يوافق أفعل التفضيل من حمد؟ فقال الدكتور: نعم. فقال النجار: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسماء (أحمد) فقال الدكتور: يا أخي أنت كثيراً ثم افترقا. (ر: للتوسع في المزيد من الأدلة: إظهار الحق ص 511-514، دراسة الكتب المقدسة ص 125-129، موريس بوكادي).



بحث عن بحث