رعاية النساء في ضوء سورة النساء  (1-15)

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونسترشده ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا.

والصلاة والسلام على الهادي البشير النذير، وعلى آله وصحبه التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }(1)، وقال تعالى: {  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ  إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}(2)، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ  وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)}(3).

إن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد:

فإن موضوع المرأة وتحريرها من الموضوعات المهمة التي كَثُر الحديث عنها في زماننا، وشاعت حولها الإدعاءات، والضلالات خاصة في أيامنا ولا سيما ممن ابتغى نهجاً مخالفاً لشرعنا.

ولقد تشعبت مسالك الناس قديماً وحديثاً في تعاملهم مع المرأة، ولم تتمكن الديانات المحرفة والفلسفات المختلفة من تحقيق التوازن والانسجام لها، بل زادتها تشتتاً وتعاسة؛ لانحرافها عن الفطرة وإغراقها في الخرافات والعقائد الباطلة.

وفي خضم هذه الأمواج المتلاطمة من التيارات الفكرية والعقدية، لو عادت المرأة إلى كتاب ربها لوجدت لها فيه كل رعاية وحماية.

ففي القرآن الكريم بيان تام وكامل لحقوقها وكل ما فيه صيانة، ورعاية لها، وليست ثمة سعادة لها في الدنيا والآخرة إلا في التزام نهجه والسير وفق هداه.

وحيث أن سورة النساء قد اشتملت هذه الأمور في الجملة بأتم صورة وأيسر عبارة، والتي لم تبحث بصورة مستقلة – حسب علم الباحثة – لذا عزمت الباحثة على بحث هذا الموضوع، وكان عنوان البحث ( رعاية النساء في ضوء سورة النساء)، ولم تترك الرسائل العلمية التي بحثت حقوق ورعاية النساء في الإسلام المرأة سورة النساء أو تهمل آياتها؛ ولكن قصدت الباحثة تخصيص هذه السورة بذاتها؛ مما يدل على مدى العناية والكرامة التي تدعي بعض النساء عدم وجودها في الإسلام وتعاليمه؛ حيث أن سورةً واحدةً من كتاب الله سبحانه فقط شملت النساء برعايةٍ، وعنايةٍ كبيرةٍ.

بيان أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

1)  إسهام هذا الموضوع في جانب التفسير الموضوعي ذلك اللون من التفسير الذي له دور بارز في توضيح المعاني وتقريبها، مما يعين على اتباع المنهج القرآني، والاهتداء بهديه.

2)     إن للنساء دوراً بارزاً في صلاح الأمة أو فسادها، لذا كان لابد من مراعاة حقوقهن حتى يتهيأ لهن القيام بدورهن على أكمل وجه.

3)  الرد على دعاة تحرير المرأة، أولئك الناعقين بالباطل، وفي هذا البحث تجلية لحقوقهن في الجملة بعيداً عن الإجحاف والتضليل، أو الإفراط والتفريط.

4)  إن البحث في هذا الموضوع يبرز جانب اليسر والسماحة والحكمة في تشريعات هذا الدين العظيم، إذ جعل الله في كل تشريع من تشريعاته الخاصة بالمرأة – موضوع البحث – مايتناسب ووضع المرأة ومصلحتها.

                                          هذه السلسلة بقـلم

                                        د . إبتسام بدر الجابري

 


(1) سورة آل عمران: 102

(2) سورة النساء: 1

(3) سورة الاحزاب: 70-71



بحث عن بحث