البر في بيت النبوة

 

ما زلنا مع ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها وشذرات من برها لأبيها، وحديثنا اليوم عن طاعتها لأبيها، واحترازها من مخالفته، ويظهر ذلك في مواقف كثيرة منها ما جاء في قصة إرسال زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لها إلى أبيها ؛ أن تقول له إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبي بكر – إذ كان الناس يتحرون يوم عائشة ليأتوا النبي صلى الله عليه وسلم بهداياهم، وكن يردنه أن يأمر الناس أن يهدوا له أينما كان – فكلمته، فقال (يا بنية، ألا تحبين ما أحب؟) قالت: بلى، فرجعت إليهن وأخبرتهن. فقلن: ارجعي إليه، فأبت أن ترجع(1).   

وفي حجة الوداع قدم علي رضي الله عنه من اليمن فوافى النبي صلى الله عليه وسلم بالبطحاء وقد طاف وسعى، فدخل على زوجته فاطمة بنت رسول الله فوجدها قد حلت كما حل أزواج رسول الله والذين لم يسوقوا الهدي واكتحلت ولبست ثياباً صبيغاً، فقال: من أمرك بهذا ؟ قالت: أبي. فذهب إلى رسول الله وسلم فأخبره أنها حلت ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت وزعمت أنك أمرتها بذلك يا رسول الله، فقال: (صدقت صدقت صدقت)، ثم قال له رسول الله: (بم أهللت حين أوجبت الحج؟) قال بإهلال كإهلال النبي قال: (فإن معك الهدي فلا تحل)(2).

 وعن عبد الله بن عمرو قال: بينما نحن نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بامرأة لا يظن أنه عرفها، فلما توسط الطريق وقف حتى انتهت إليه، فإذا   فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما أخرجك من بيتك يا فاطمة؟)، فقالت: أتيت أهل هذا البيت فترحمت إليهم ميتهم وعزيتهم. قال: (لعلك بلغت معهم الكدي؟)، قالت: معاذ الله أن أكون بلغتها معهم وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر. قال: (لو بلغتيها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك)(3).

فليكن لنا في ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.

 

  


 

(1)      أخرجه البخاري ك الهبة باب من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعض نسائه دون بعض 5/151،152. وفي قصة طويلة.
(2)      انظر البداية والنهاية 5/167.
(3)      انظر البداية والنهاية 2/280.والحديث أخرجه أبو داود ك الجنائز باب في التعزية ح3123-3/188،189، والنسائي ك الجنائز باب النعي ح1880-4/27، وأحمد 2/168،196، والحاكم ك الجنائز باب الأمر بخلع النعال في القبور 1/373،374 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأخرجه البيهقي في سننه ك الجنائز باب ما ورد في نهي النساء عن اتباع الجنائز 4/77 والحديث حسن لوجود ربيعة بن سيف المعافي اختلف فيه العلماء وقال عنه ابن حجر: صدوق له مناكير. وبقية رجال السند ثقات  والله تعالى أعلم.



بحث عن بحث