البر في بيت النبوة

 

عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها، فقبّلها، ورحبّ بها، وكذلك كانت هي تصنع به)(1) .

وفي هذا بيان لما ينبغي أن يفعله الولد عند استقبال والده من القيام إليه والترحيب به وتقبيله، وإجلاسه ... الخ ذلك مما فيه إبداء للحب وإظهار للتقدير، وهذا كله من دواعي إدخال السرور إلى قلب الوالد .

وعن عائشة رضي الله عنها أيضاً قالت: اجتمع نساء رسول الله عند رسول الله فلم تغادر منهن امرأة فجاءت فاطمة تمشي ما تخطى مشيتها مشية أبيها، فقال: (مرحباً بابنتي) فأقعدها عن يمينه أو عن شماله، فسارها بشيء فبكت، ثم سارها بشيء فضحكت، فقلت لها: خصك رسول الله من بيننا بالسرار فتبكين! فلما قام قلت لها: أخبريني بما سارك . قالت: ما كنت لأفشي عن رسول الله سره، فلما توفي رسول الله قلت لها: أسألك بما لي عليك من حق لما أخبرتني . فقالت: أما الآن فنعم، قالت: سارني فقال: (إن جبريل عليه السلام كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة وأنه عارضني العام مرتين ولا أرى ذلك إلا عند اقتراب الأجل فاتقى الله واصبري فنعم السلف أنا لك) فبكيت ثم سارني، فقال: (أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو قال نساء هذه الأمة)(2).

فتأمل حرصها رضي الله عنه على حفظ سر أبيها، مع أنه ليس مما يُقصد إخفاؤه، فكن أخي - أختي- باراً لبيباً واحفظ سر والديك، وكل ما يكرهان ذيوعه ونشره، وإن لم ينبهانك إلى إسراره وإخفائه .

بقلم                        
د. إلهام بدر الجابري           
دكتوراه في قسم السنة وعلومها

 

 

(1)      أخرجه أبو داود ك الأدب باب ما جاء في القيام ح 5217، والترمذي ك المناقب باب مناقب فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ح3871، والحاكم 3/154 وصححه ووافقه الذهبي وحسّنه شعيب الأرناؤوط في سير أعلام النبلاء 2/127.
(2)      فضائل الصحابة رقم4313-2/762، والقصة أخرجها البخاري في الصحيح.



بحث عن بحث