المـــرأة والعلم

      إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :

        المرأة في الإسلام كان لها شأن عظيم ومنزلة سامقة ، اعتبرت بعد إهمال ، واهتدت بعد ضلال ، وعزت بعد ذل ، وتعلمت بعد جهل ، وأدت ما عليها من واجبات، بارت الرجال وسبقتهم أحيانا، فكان أول المؤمنين منها ، وأول الشهداء في سبيل الله منها ، وأول من هاجر في سبيل الله منها ، وكانت كذلك في نشر الدين وحفظه والإقبال عليه وتبليغه ، وازدادت المرأة المسلمة ثقة بالنفس ، واعتزازا بالمقام ، وغبطة بالإسلام ، فكان منهن الواعظات والعالمات والفقيهات والمحدثات على مر الدهور، واختلاف العصور في سائر البقاع والأصقاع ، فوجدت نفسها بعد تيه وضياع ، وانتقلت من حال إلى حال ، من حال كانت فيه رزية  مهانة لاحق لها ولا كرامة ، لا يعتد بها في رأي ولا وجود، استعبدها الرجال في ذلة وامتهان ، وان سألت لا تجاب ، وإن احتيج إليها فللاحتطاب والتقاط النوى للإبل ،  فان تسامت فللشهوات، يوم خروجها للدنيا يوم تسوَد فيه الوجوه ، وتغتاظ فيه النفوس في حيرة واضطراب ، أتمسك على هوان أم تدس في التراب؟

        قال ابن عباس: " كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت فكان أوان ولادها حفرت حفيرة فتمخضت على رأس الحفيرة، فإن ولدت جارية رمت بها في الحفيرة، وإن ولدت غلاما حبسته ".  

ويقول قتادة: كان أحدهم يغذو كلبه ويئد ا بنته.

- أكرم الإسلام المرأة بعد أن كانت مهانة ذليلة مسلوبة الحقوق.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " كنا في الجاهلية لا نعتد بالنساء ولا ندخلهن في شيء من أمورنا ، بل كنا ونحن بمكة لا يكلم أحدنا امرأته ، إذا كانت له حاجة سفع برجليها فقضى منها حاجته ، فلما جاء الله بالإسلام ، أنزلهن الله حيث أنزلهن  وجعل لهن حقاً".

 بل كرمهن وسمى سورة باسمهن (سورة  النساء). وأوصى بها خيرا: أما وأختاً وبنتاً وزوجة.

 

        انتقلت النساء من هذا الحال إلى حال، فأصبحن فيه منارات هدى ومراكز إشعاع ونور، معلمات ومربيات صالحات ومصلحات وداعيات، يرجع إليهن في المشكلات والمعضلات، ويتخرج من تحت أيديهن الأبطال والعلماء والحكماء، فللمرأة في أول الإسلام سابقة ما بلغها كثير من الرجال، وإن لها فيه منزلة ومقام لا يستطيع المداد ولا البنان إعطاؤه حقه.

         وما التأنيث لاسم الشمس عيب                 وما التذكير فخر للرجـال

ولو كان النساء كمن فقدنــا                لفضلت النساء على الرجال

 

       بينما نجد المرأة في عالم الكفر تنتقل من استعباد إلى استعباد، ومن ظلم إلى ظلم فكانت بالأمس تباع وتشترى سلعة رخيصة، وأصبحت اليوم تستغل في الدعاية للمنتجات والسلع المختلفة0

       المرأة في الإسلام برزت فأصبحت عالمة وفقيهة ومحدثة، فحازت قصب السبق في مختلف علوم الشريعة من العقيدة والفقه والحديث، فضلا عن تعلم القرآن وتعليمه، فقامت بدورها في العلم والتعليم والرواية والدعوة، وقد دخلت في عموم خطاب قول الله تبارك وتعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ )

 وقوله جل وعلا: (يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).

 وقوله صلى الله عليه وسلم (من يرد به خيراً يفقهه في الدين) رواه البخاري ومسلم.

وقوله: ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر) رواه أبو داود.

 

يكتب هذه السلسلة

د . أميرة الصاعدي

أستاذ مساعد بجامعة أم القرى

 



بحث عن بحث