الحيـــــــاء

اسم الله الحيي الستير سبحانه جل جلاله (26-32)

 

 

الموفق من رأى من ابتلي بشيء مما لا يرضي الله أن يبذل له النصيحة والدعاء له لا عليه، فلو أن كلاً منا إن رأى بعضاً من هؤلاء المبتلين ببعض الذنوب التي يجاهرون بها فدعوا لهم بالهداية, لربما وافقت دعوة أحدنا باباً مفتوحاً في السماء وكتب الله له الهداية بهذه الدعوات.

 كان معروف الكرخي قاعداً يوماً على دجلة ببغداد فمرَّ به صبيان إلى زورق يضربون بالملاهي ويشربون فقال له أصحابه: أما ترى هؤلاء يعصون الله تعالى على هذا الماء؟ ادع عليهم، فرفع يديه إلى السماء وقال: إلهي وسيدي كما فرحتهم في الدنيا أسألك أن تفرحهم في الآخرة. فقال له أصحابه: إنما سألنك أن تدعو عليهم ولم نقل ادع لهم. فقال: إذا فرّحهم في الآخرة تاب عليهم في الدنيا ولم يضركم هذا(1)

وعن أبي قِلابة أن أبا الدرداء مرَّ على رجل قد أصاب ذنباً وكانوا يسبونه فقال: أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا تستخرجونه؟ قالوا: بلى. قال: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم قالوا: أفلا نبغضه؟ قال: إنما أبغض عمله فإذا ترك فهو أخي(2)

فقد يسمع الإنسان أو يشاهد من ابتلي ببعض الذنوب فاحرص على الدعاء له بالهداية, وخذ بيده إلى طريق النور والتوبة, وارفق به في الدعوة إلى الله, فإن بعض الناس ربما يكون مبتلى بذنب والله أعلم بسريرته، فإنك لا تدري لعله في الليل ينطرح باكياً بين يدي الله تائباً منكسراً مفتقراً سائلاً ربه الهداية، يحدّث بعض العلماء فيقول: والله إنه ليأتيني الشاب المدمن لشرب الخمر وهو يبكي ويقول: يا شيخ والله إني أتمنى أن أكون مثلكم من الأخيار فادع الله لي بالعافية.

 

يتبع في الحلقة القادمة قصص لبعض التائبين

 


 

(1) طبقات الأولياء 1/47.

(2) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان 9/63.

 



بحث عن بحث