الحيـــــــاء

اسم الله الحيي الستير سبحانه جل جلاله (19-32)

 

تابع نماذج لأهل الحياء:

4) قصة حياء امرأة من أهل زماننا : يذكر الشيخ الدكتور عبد المحسن الأحمد قصة امرأة دخلت المستشفى في ألم أصاب ساق رجلها، فأجريت لها التحاليل، وقيل لها: قد تحتاجين لعملية جراحية، وقد يكتفى بالعلاج، فما كان منها إلا أن قامت تلك الليلة وأخذت تدعو قائلة: "اللهم إن كنت تعلم إني أحتاج لعملية فاقبضني إليك ولا تجعل أحداً ينظر إلى شيء من جسدي" وأخذت تعيد هذه الدعوة، فما إن أصبح الصباح جُهزت الأوراق لإجراء عملية لها، ولما أيقظتها إحدى بناتها وجدت أمها قد قبضت وتوفيت رحمها الله .

فهكذا الحياء يفعل بأصحاب النفوس الشريفة.

وهذه فتاة تخبر عن والدتها , تقول: ما زلت أتذكر ذلك اليوم عندما أرادت أختي أن تتزوج , وأصرت على والدتي أن تذهب معها إلى السوق وقالت لها – يعني أختي تقول لوالدتي- سنذهب إلى عدد محدود من المحلات, ولن نمكث سوى نصف ساعة أو تزيد قليلاً، وبعد إلحاح وإصرار وافقت أمي على تردد، وجاء ذلك اليوم الذي ذهبنا فيه، واحمرّ وجه أمي وهي امرأة كبيرة، وتثاقلت خطواتها وكأنها تساق إلى الموت، تفقدت عباءتها وكيف تسير، سال منها العرق واقشعر جلدها، ويبس لسانها، وأخذنا ما أردناه وهي لا يفتر لسانها طوال الطريق عن الدعاء والتسبيح والتهليل، وعندما دخلنا إلى بائع الأقمشة سألته أختي: بكم هذا؟ فوجّه الحديث نحو والدتي ومدّ يده نحوها بقطعة القماش، فهربت والدتي من المحل وتبعتها أختي فقالت أمي باكية: لا أقبل أن أحادث الرجال، خرجتْ ولم تعد مرة أخرى، إنها المرة الأولى والأخيرة. رحمها الله. فلقد ماتت وما دخلت سوقاً ولا حادثت رجلاً أجنبياً وما ضرّها ذلك شيئاً، وما نقص من منزلتها قدراً، بل كانت ملء السمع والبصر, يقدِّرها الجميع, ويحبها الصغير والكبير, الكل يبحث عن رضاها وتلبية حاجتها رحمها لله وغفر لها.

حقاً صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (الحياء من الإيمان) بل هم قرينان فقد قال صلى الله عليه وسلم (الحياء والإيمان قرناء جميعاً فإذا رفع أحدهما رفع الآخر)(1)

وبعد هذه النماذج الرائعة في الحياء فإني أوصي نفسي أولاً وبنات جنسي ثانياً أن نجعل الحياء لنا شعاراً، وألا نتخلى عنه أبداً، فإنه رأس مال الفتاة المسلمة بل هو علامة الإيمان، وأن نتمسك بحجابنا ونعض عليه بالنواجذ، تقول عائشة رضي الله عنها: لما دخل عليها نساء من بني تميم وعليهن ثياب رقاق، إن كنتن مؤمنات فانزعن هذا وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعن به.

 ورب العالمين يقول ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) (الأحزاب:59) فالصالحة تعرف بحجابها وحشمتها فلا تُؤذى من الفساق والفجار، فما أحد منهم يتجرأ عليها أبداً، بل أمثال هؤلاء  يجلُّونها لحشمتها وحجابها! جعلنا الله منهن.

بعكس تلك التي أبدت مفاتنها، وخضعت في صوتها لو كانت محروقة مشوهة ما أبدت شيئاً من هذه المفاتن بل كانت الأحرص على ألا يراها أحد من الناس، أفهكذا تشكر النعم ؟!!

 

يتبع الأثر السادس من آثار الحياء


(1) صحيح الترغيب 2636.

 



بحث عن بحث