حليمة والبركة

 

 

وفي اليوم التالي انطلقت المرضعات مسرعات إلى مكة وما هي إلا ساعات حتى عدن إلى   رحالهن ، وكل واحدة تحمل طفلاً إلا حليمة.. فإنها عادت بحضن فارغ !!

عادت حليمة آخر النهار حزينة وألقت نفسها دون أن تكلم زوجها، ودون أن تنتبه إلى صراخ طفلها  الذي مازال يصرخ منذ الصباح!! أخذت طفلها .. وأعطته ثديها.. إنها لا تريد أن تتكلم ، إنها تخشى أن  تنفجر بالبكاء . سيغادر الركب غداً أو بعد غد.. فهل تعود كل مرضعة بحضن مليء .. وتعود حليمة  بحضن فارغ؟ هل خلت مكة من طفل لها ؟ لا ، بل هناك طفل جميل.. كالقمر .. لكنه يتيم .. توفي أبوه  وهو حمل في بطن أمه.. جميع المرضعات رفضته لأنه يتيم لا مال له وكنا نرجو كرامة رضاعه من  والد المولود ثم قالت: والله لا أذهبن إلى ذلك اليتيم فلأخذنه. قال زوجها إلا عليك أن تفعلي... عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة" .

فانطلقت حليمة إلى بيت الطفل لتأخذه قبل أن يغادر الركب. ثم جلست حليمة ووضعت الطفل في  حجرها .. وراحت ترضعه شعرت بشيء يدب في صدرها.. امتلأ ثديها باللبن! فشرب الطفل حتى  روي وشرب أخوه حتى روي ثم ناما وما كان ولدها عبد الله ينام قبل ذلك من الجوع ثم قام زوجي إلى  الناقة فإذا هي مملوءة أضراعها لبناً فحلب حتى ملأ الإناء فشرب... وشربت حتى روينا فبتنا ليلتنا تلك  بخير . كانت بلاد بني سعد أرضاً جدباء فلما قدمت حليمة بالطفل صارت غنمها تروح خماصاً وتعود  بطاناً شباعاً لبناً !! حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم.. اسرحوا حيث يسرح راعي حليمة .

فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخيرة !! وكان محمد يشب شباباً لا يشبه الغلمان .. حتى مضت سنتان وفصلته .

 



بحث عن بحث