الحلقة (40)

قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام (25)

خيرية إبراهيم عليه السلام وخلته

 

عن أنس بن مالكقالجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا خير البرية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمذاكإبراهيمعليه السلام(1)

وعن جُنْدَب بنِ عَبْدِ الله البَجَلي رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ وَهُوَ يَقُولُ : (إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا ، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا)(2)

ويستفاد مما سبق:

وقال الإمام النووي - رحمه الله -: قال العلماء: إنما قال صلى الله عليه وسلم هذا تواضعًا واحترامًا لإبراهيم صلى الله عليه وسلم؛ لخُلَّتِه وأبوته، وإلا فنبينا صلى الله عليه وسلم أفضل؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((أنا سيد ولد آدم))، ولم يقصد به الافتخار ولا التطاول على مَن تقدمه، بل قاله بيانًا لِما أمر ببيانه وتبليغه؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((ولا فخرَ))؛ لينفي ما قد يتطرق إلى بعض الأفهام السخيفة، وقيل: يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قال: إبراهيم خير البرية قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم، فإن قيل: التأويل المذكور ضعيف؛ لأن هذا خبرٌ، فلا يدخله خلف ولا نسخ، فالجواب: أنه لا يمتنع أنه أراد أفضل البرية الموجودين في عصره؛(3)

وقال الإمام ابن تيمية:وقول بعض الناس إن محمدا حبيب الله وإبراهيم خليل الله ، وظنه أن المحبة فوق الخلة ، قول ضعيف ، فإن محمدا أيضا خليل الله ، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة المستفيضة اهـ .(4)

 

قال ابن القيم رحمه الله :

مرتبة الخلة التي انفرد بها الخليلان : إبراهيم ، ومحمد ، صلى الله عليهما وسلم ، كما صح عنه أنه قال : (إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلاً) ، وقال : (لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن صاحبكم خليل الرحمن) ، والحديثان في الصحيح ، وهما يبطلان قول من قال : "الخلة لإبراهيم ، والمحبة لمحمد ، فإبراهيم خليله ومحمد حبيبه" .(5)

 

فائدة :

قد ورد حديث ظاهره يخالف ما تقدم من أن الخلة أعلى من المحبة ، رواه الترمذي  عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُ اللَّهِ ، وَمُوسَى نَجِيُّ اللَّهِ ، وَعِيسَى رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ ، وَآدَمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ ، أَلا وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ وَلا فَخْرَ . . . إلخ الحديث(6)



(1)صحيح مسلم كتاب الفضائل باب من فضائل إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم(2369)

 (2)رواه مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532) .

 (3)(المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج) (15 /122)

 (4)في "مجموع الفتاوى" (10/204(

 (5)مدارج السالكين" (3/30)

 (6) رواه الترمذي  (3161) وضعفه الألباني في ضعيف، المشكاة (5762) // ضعيف الجامع الصغير (407).



بحث عن بحث