الرسول والعشر الأواخر (1-2)

إن نعم الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر المبارك لا تعد ولا تحصى، ولا زالت تتوالى علينا وتترى، دخل رمضان بما فيه من الخيرات العميمة والنفحات الكريمة، وفرح به المؤمنون حقًّا، والعارفون به صدقًا؛ لما يُعطون من كرم المولى جل وعلا، وما يضفيه على عباده من الفضل والكرم، حيث خص العشر الأواخر من رمضان بالمزيد من فضله وإنعامه.

وفيما يلي نقف بعض الوقفات مع سيرته عليه الصلاة والسلام في هذه العشر المباركة:

الوقفة الأولى:

روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ: «كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره»(1)، وجاء في المسند أنها رضي الله عنها قالت: «كان النبي ﷺ يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شد المئزر»(2).

وفي الصحيحين عنها رضي الله عنها: «كان النبي ﷺ إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله»(3).

هذه النصوص الكريمة التي توضح السيرة العطرة لنبينا محمد ﷺ في هذه الأيام، ترسم لأمته منهجًا يترسمونه، ويحتذون حذوه، في حياتهم كلها.

فرسول الله ﷺ يجتهد في هذه العشر، وهذه كلمة بليغة، فالاجتهاد: بذل الجهد والطاقة، فهو صلوات الله وسلامه عليه يبذل جهده وطاقته في هذه العشر المباركة أكثر من غيره، يجتهد في أنواع العبادات كلها من صلاة وذكر وقراءة وصدقة وبر وإحسان.

ولكونه ﷺ بذل وسعه وطاقته؛ ظهرت علامات هذا البذل، تلكم هي: شد مئزره، الذي هو كناية عن اعتزاله للنساء، ليتفرغ لتلك العبادات الجليلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه مسلم (2/832)، برقم(1175)، في الاعتكاف، باب الاجتهاد في العشر الأواخر، وابن ماجه (1/562)، برقم(1767)، في الصيام، باب في فضل العشر الأواخر.

(2) رواه أحمد في المسند (6/68).

(3) رواه البخاري (4/269)، برقم(2024) في فضائل ليلة القدر، باب العمل في العشر الأواخر من رمضان، ومسلم (2/832)، برقم(1174) في الاعتكاف، باب الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان.



بحث عن بحث