هدي الرسول  في الفطور والسحور (2-3)

ومن خصوصيات رمضان والصيام: الفطر عند الغروب، ويتحقق بغروب الشمس، ومن السنة تعجيل الفطر كما سبق في الحديث:  «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور» وأن يكون هذا الإفطار على رطب، فإن لم يجد فتمر، فإن لم يجد فماء؛ لما روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: «كان رسول الله ﷺ يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتمر، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء«(1).

وأخرج الإمام مسلم : وغيره عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإنه بركة، فإن لم يجد تمر فالماء فإنه طهور«(2).

وعند فرحة الإفطار التي نبه إليها الرسول ﷺ بتمام صوم الصائم في كل يوم، ينبغي ألا يغفل عن شكر المنعم، والإكثار من الدعاء عند الفطر، فقد روى ابن ماجه وغيره أن النبي ﷺ قال: «إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد«(3).

هذه النعم العظيمة: من تمام الصيام ذلك اليوم، وتحقيق فرحة الفطر التي قال عنها الرسول ﷺ: «للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه»، واستجابة دعوات الصائم عند فطره، كل هذه النعم تحتاج إلى وقفة مع النفس بتأمل ومحاسبة ليشكر العبد عليها ربه جل وعلا، الذي تفضل فأنعم عليه بهذه النعم وغيرها، ومن مقتضيات هذا الشكر تجديد الإخلاص لله تعالى في عبادة الصيام وفي كل عبادة، والثناء عليه جل وعلا، والدعاء المستمر بأن يديم علينا ربنا هذه النعم الجزيلة والعطايا الكثيرة، وكذا عدم فعل ما يخالف شرعه أو يناقض تعاليم دينه سبحانه وتعالى، كما قال جل شأنه: {لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}(4).

ومما ينبغي أن يؤكد عليه بشأن الفطور والسحور: أن يجتهد المسلم في تحري الحلال الطيب فيهما، وفي كل مال يكتسب، فيجتهد في طرائق الكسب الحلال، وفي سبل تصريف هذا المال، فمسؤوليته عظيمة وعاقبته جسيمة، فالله سبحانه أمرنا أن نتعامل بالطيبات والأكل منها، وأخبرنا رسول الله ﷺ بـ«أنه طيب لا يقبل إلا طيبًا وأن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}(5).

وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}(6).

ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، ويقول: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له«(7).

فليحذر المسلم الساعي إلى مرضاة ربه من أن يدخل جوفه لقمة حرامًا أو شربة حرامًا، لأن هذا الشيء اليسير من الحرام يعد حاجزًا ومانعًا للدعاء فلا يقبل، ولا يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل يتعداه إلى الأسرة والذرية والعياذ بالله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  أخرجه الترمذي (696)، وقال: هذا حديث حسن غريب. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4995).

(2) أخرجه أبو داود (2366)، والترمذي (658)، والنسائي (2518)، وابن ماجه (1699)، وابن خزيمة (2067)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (389)، ولكن يعضده غيره.

(3)  أخرجه ابن ماجه (1753)، والحاكم (1/422).

(4) [إبراهيم: 7]

(5) [المؤمنون: 51]

(6) [البقرة: 172]



بحث عن بحث