الرسول  ومقاصد الصيام (2-2)

ومن هديه عليه الصلاة والسلام في بيان فضائل رمضان والصيام، ما بينه ﷺ في الحديث السابق الذي رواه الشيخان: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»(1) تلك الرائحة الكريهة التي تخرج من جوف الصائم ومعدته عن طريق فمه، والتي لا يقبلها أحد، تقع عند الله تعالى موقعًا عظيمًا كبيرًا، ذلك أنها يوم القيامة أطيب عند الله من رائحة المسك. فليتأمل المسلم وليتدبر: كيف انقلبت هذه الرائحة الكريهة إلى رائحة زكية عطرة يفوح عطرها مسكًا، كل ذلك بسبب الصيام.

ومن هديه عليه الصلاة والسلام في بيان فضائل رمضان والصيام: ما ذكره في الحديث السابق بقوله: «للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه»(2) فالصائم يتمتع بالفرح والسرور في دنياه وآخرته، أما في الدنيا فيكمن الفرح عند تناوله طعام الإفطار، فيفرح الصائم لما أتم الله تعالى عليه نعمة الصيام، وأنه أباح له ما كان محرمًا عليه في نهار رمضان من الأكل والشرب والتمتع بالشهوات والملذات، وأما في الآخرة فيفرح عند لقاء ربه، حيث يجد جزاءه عند ربه عطاءً وإحسانًا، يجد ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ويدخل الجنة من باب الريان الذي لا يدخله غير الصائمين، فيفرح الصائم فرحًا شديدًا، ويجد سرورًا وحبورًا.

ومن هديه عليه الصلاة والسلام في بيان فضائل الصيام ورمضان: بيانه عليه الصلاة والسلام أن دعاء الصائم مقبول عند الله تعالى، فقد روى أحمد والترمذي وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ثلاثة لا ترد دعوتهم» وذكر منهم: «الصائم حتى يفطر»(3)؛ فليتحر المسلم شرف الزمان وشرف العبادة، فيكثر من الدعاء واللجوء إلى الله تعالى في هذا الشهر المبارك، لعل الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا بدعوة مستجابة ومغفرة ورحمة.

هذا بيان رسول الله ﷺ لفضائل الصيام وشهر رمضان من أجل الترغيب والحث على المبادرة والإخلاص، والمسارعة في الخيرات واجتناء الثمرات الطيبات.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا من فضله، وأن يجعلنا من المقبولين في هذا الشهر الكريم، إنه سميع قريب مجيب، وهو المستعان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه البخاري (1894)، ومسلم (1151).

(2) أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151).

(3) أخرجه أحمد (2/305)، والترمذي (3598)، وابن ماجه (1752)، وحسنه الترمذي، بينما ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2592)، وصحح الحديث بلفظ: «ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم ودعوة المظلوم والمسافر»، أخرجه العقيلي في الضعفاء (1/72)، والبيهقي في شعب الإيمان (3594)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3030).



بحث عن بحث