التهنئة بقدوم شهر رمضان (1-3)

الحمد لله خَص بالتشريف والتفضيل بعض مخلوقاته، أحمده سبحانه وأثني عليه بما هو أهله، حمدًا وثناءً يملآن أرضه وسماواته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو أعلم بمواضع اختياره وكراماته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، وصفيه من رسله ومختاره من برياته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه من أهل محبته وموالاته، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنة محمد ﷺ، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص قصص القرآن، وخير الأمور أوسطها، وشر الأمور محدثاتها، وأحسن الهدي هدي الأنبياء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير الأعمال ما نفع، وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى.

يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(1).

وقال رسول الله ﷺ: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان«(2).

وقال أيضًا فيما يرويه عن ربه عز وجل: «قال ربكم: الصوم جنة يجتن بها عبدي من النار»(3)، وفي رواية: «قال ربنا عز وجل: الصيام جنة يستجن بها  العبد من النار، وهو لي وأنا أجزي به«(4). وقال رسول الله ﷺ: «الصيام جنة وحصن حصين من النار«(5). وقال أيضًا: «الصيام جنة كجنة أحدكم من القتال«(6).

أهلَّ الله عليَّ وعليكم شهر رمضان بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، وأعاننا على الصيام والقيام وسائر الطاعات والقربات، وتقبله منا، وجعله رصيدًا لحسناتنا ومكفرًا لسيئاتنا، وقائدنا إلى الفردوس الأعلى من الجنة.

فهنيئًا لمن أدرك شهر رمضان فعزم على الصيام والقيام، وروّض نفسه على الرقي للمعالي والصعود للعوالي، وهيَّأ نفسه للوصول إلى الأماني.

هنيئًا لمن أدرك شهر رمضان فاشتاقت نفسه إلى الجنان، وتطلع إلى المغفرة والرحمة والرضوان، فاجتهد بما يليق بشهر الصيام والقيام.

وهنيئًا لأصحاب الهمم العالية والأهداف السامية والغايات النبيلة، لبذل الجد والاجتهاد، والعزم والرشاد في شهر الدعاء والقرآن، شهر الإنفاق والإحسان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [البقرة: 183]

(2) أخرجه البخاري (8)، ومسلم (16).

(3) أخرجه أحمد (3/369).

(4) أخرجه الطبراني في الكبير (8386)، وأحمد (3/396)، والبيهقي في الشعب (3582)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3867، 4308).

(5) أخرجه أحمد (2/402)، والبيهقي في الشعب (5761)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3880).

(6) أخرجه أحمد (4/22)، والنسائي (2229)، وابن ماجه (1639)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3879).



بحث عن بحث