قراءة القرآن (5-5)

 

أيها الإخوة الكرام:

إن من نعم الله على هذه البلاد أن مُلئت بمدارس تحفيظ القرآن الكريم، وتناثرت الدور وحلقات المساجد في الصباح والمساء لتحفيظ القرآن الكريم وتعليمه، فإلى كل أب انشغل بالدنيا عن أبنائه وبناته، وإلى كل أم جعلت متابعة الأزياء الجديدة والتردد على الأسواق والحدائق شغلها الشاغل:

أن ينتبهوا من الغفلة، ويستيقظوا من هذه الغفوة تجاه كتاب الله تعالى، وليستغلوا الفرص المتاحة من تلكم المدارس الدور والحلقات المنتشرة المتوفرة ولله الحمد، فخير ما تقدمه لنفسك ولناشئتك: تعليمهم كتاب الله تعالى وتنشئتهم عليه.

 

الوقفة التاسعة:

كل قارئ للقرآن يرجو الانتفاع بتلاوته، والاستفادة منه، لعل الله تعالى أن يكتبه من أهله، يقول ابن القيم: «إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، وحضر حضور من يخاطبه به من يتكلم به منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسول الله ، يقول تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: 37].

ومما يعين على التدبر والخشوع والانتفاع بالقرآن الكريم: حضور القلب، وأن يستحضر المسلم حال القراءة أن الله سبحانه وتعالى يخاطبه وحده بهذا القرآن، ومنه: ألَّا يستعجل القارئ ويسرع في القراءة، فقد ورد التحذير من ذلك، ومن المهم كذلك: الوقوف عند آيات الوعد والوعيد؛ ليسأل الله عند الوعد، ويستعيذ به عند الوعيد، ويقف عند الأوامر ليتمثلها، والزواجر لينزجر عنها، والقصص ليتأمل فيها ويأخذ العبرة.

 

أيها المسلمون والمسلمات:

هذا شهر رمضان ونفحات المولى جل وعلا تترى، ونعمه لا تحصى، ها هو شهر رمضان لا يزال يظلنا بخيره، وبالقرآن الذي أنزل فيه، بصيامه وقيامه، فهل نتدارك تقصيرنا في تلاوة القرآن وقد مضى منه أيام عدة؟ فقارئ القرآن يعرف بليله إذا الناس ينامون، وبنهاره إذا الناس يفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبورعه إذ الناس يخلطون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذ الناس يختالون، وبحزنه إذ الناس يفرحون، كما ورد عن ابن مسعودفي معرفة قارئ القرآن.

أسأل الله تعالى أن نكون كذلك، وأن يرزقنا حفظ كتابه وتدبره وفهمه، وأن يجعلنا ممن يكون القرآن شاهدًا له وليس عليه، وشافعًا وشافيًا وهاديًا، إنه سميع مجيب وهو المستعان.



بحث عن بحث