التهنئة بدخول شهر رمضان (2-2)

الوقفة الرابعة:

لا شكَّ أن جميع المسلمين يفرحون بقدوم رمضان، مستقلين له استقبالًا ينم عن ذلك الفرح العظيم، مجتهدين في مسالك الاستقبال؛ فذاك يجتهد في أنواع المأكولات والمشروبات، متفنِّنًا في صنوف الأَطعمة والملذات، وآخر يستعجل في تعديل برنامجه ليزيد في لهوه ومسامرة أصحابه وأصدقائه، وذاك ليستغله في بيعه وشرائه والصفق في الأَسواق، وآخرون اعتبروه مجالًا رحبًا في تنويع الأعمال الصالحات ليملؤوا سجلاتهم الأخروية بما يجدونه أمامهم بعد مفارقة الحياة.

إنَّ نفحات هذا الشهر المبارك وأُجروه العظيمة – أخي المسلم – ليست من نصيب من يضيق بهذا الشهر، أو يجده مجالًا للهو والعبث، أَو من يتقلب في نعم الله تعالى غير شاكر لها، أو من يضيع نفسه وأُسرته بين نوم وسهر، فهؤلاء المساكين وأمثالهم عرضوا أنفسهم لسخط الله تعالى، وأنزلوا أنفسهم منازل البُعد عن الله تعالى، والقرب من الشيطان، فقدوم رمضان وبال عليهم، والعياذ بالله.

الوقفة الخامسة:

إن رمضان يفد علينا منذ أعوام والمسلمون تكوى جباههم وجنوبهم نيرانُ الكيد من أعدائهم الذين كشروا عن أنيابهم، واستبانت حقيقة مواقفهم من الإسلام وأَهله عداءً وحقدًا، وحسدًا وبغضًا، مما يدمي القلب، ويجرح الضمير، ويحير العقل الراشد.

هذا فضلًا عما يجنيه المسلمون على أنفسهم نتيجة بعدهم عن هدي ربهم وتفرقهم وإيثارهم الأنانية والمصالح القريبة، مما أوقعهم هدي ربهم وتفرقهم وإِيثارهم الأَنانية والمصالح القريبة، مما أوقعهم فريسة للفوضى والمجاعات والتناحر وسوء الأَحوال، فلعلَّ رمضان بخيراته ونفحاته، ولعل هذه المآسي بلهيبها المحرق، أن تحرك القلوب الغافلة، وتهز النفوس الشاردة كي تؤوب إلى رشدها، وتعود إلى ربها؛ لتصوغ حياتها على منهاج ربها سبحانه وتعالى، وهدي نبيها محمد غ، ولا شكَّ أن رمضان فرصة لمن أَراد أن يذكَّر أَو أراد شكورًا.

أيها المسلمون الكرام:

إننا ونحن نستقبل هذا الشهر المبارك نحتاج إلى وقفات ووقفاتٍ مع هذا الركن العظيم، ومع هذه العبادة؛ لنفقهها حق فقهها، فلا يكون حظنا التهنئة في بداية والتأسف في نهايته، والنسيان بعد مغادرته، فالله الله لأَن يكون هذا الشهر منطلقًا جديدًا للتعامل مع الله سبحانه وتعالى في كل مجالات الحياة وشعبها ومسالكها المختلفة.

أَسأل الله تعالى الذي منَّ علينا ببلوغ هذا الشهر العظيم أن يعيننا على حسن الصيام والقيام، وأن يمنحنا القبول والرضوان، وأَن يرزقنا فيه الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، إنه سميع مجيب وهو المستعان.



بحث عن بحث