آثار العمل الإيجابي على النفس والمجتمع (5-7)

خامسًا: العمل الإيجابي سبب لمحبة الله ومحبة الناس:

إن العمل الصالح يثمر للعبد محبتين: محبة الله تعالى، ومحبة عباده الصالحين:

- فأما محبة الله تعالى، فيقول جل وعلا: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}(1).

فجاءت محبة الله تعالى بعد تحقق الإيمان والعمل الصالح، وتحقق خشية الله والإحسان إلى الناس لتكون بمثابة مكافأة وجزاء لهم على هذه الأعمال الإيجابية.

ويقول تعالى في موضع آخر: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}(2)

هنا أيضًا إشارة إلى عمل إيجابي يحصل به العبد على محبة الله تعالى، ألا وهو الإنفاق في سبيل الله بإخلاص وسخاء، وعدم التأخر عن اللحاق بقافلة الجهاد وبذل الأموال في سبيلها.

والحديث النبوي السابق ذكره الذي نحن بصدد دراسته خير شاهد على تحقق هذه المحبة إذا أحسن العبد إلى إخوانه المؤمنين.

وإذا أحب الله تعالى عبدًا أحبه أهل السماء جميعًا من الملائكة وغيرهم، لقول النبي ﷺ: «إذا أحب الله تعالى العبد، نادى جبريل: إن الله تعالى يحب فلانًا فأحببه. فيحبه جبريل، فيُنادى في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض«(3).

- وأما محبة عباد الله الصالحين، فيقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا}(4).

أي إن المؤمنين الذين يتحركون وفق منهج الله تعالى ويسعون ويعملون من أجل تحقيق المنافع المختلفة على الأرض، فإن الله سيجعل في قلوب عباده محبتهم ومودتهم.

فالقلوب مجبولة لحب من يحسن إليها، ووجوه الإحسان كثيرة ومتنوعة، فمنها إدخال السرور إلى قلب المؤمن، أو دفع الجوع عنه، أو قضاء دينه، أو المشي معه حتى يحصل على حقه، أو ستر عورته وعيوبه، كل ذلك وغيرها من الأعمال الإيجابية تكون سببًا لكسب حب الناس وقربهم وتوددهم.

وصدق الشاعر حين قال:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسانَ إحسان

وصدق الآخر بقوله:

من يصنع الخير لا يعدم جوازيه *** لا يذهب العرف بين الله والناس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [المائدة: 93]

(2) [البقرة: 195]

(3) أخرجه البخاري (ص536، رقم 3209) كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة. ومسلم (ص1148، رقم 2637) كتاب البر والصلة، باب إذا أحب الله عبدًا أمر جبريل فأحبه وأحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض.

(4) [مريم: 96]



بحث عن بحث