آثار قطع الأرحام

وردت نصوص كثيرة في كتاب الله تعالى وسنة نبيه ﷺ في النتائج الوخيمة المترتبة على عقوق الوالدين وقطع صلة الأرحام، ما بين خزي في الدنيا وعذاب في الآخرة:

1- إن قطع الرحم سبب لنزول اللعنة على العبد لقوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ}(1). وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}(2).

2- إن قطع الرحم يعجل بالعقوبة في الدنيا قبل الآخرة، لقول النبي ﷺ: «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدّخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم«(3).

3- إن قطع الأرحام سبب لدخول النار والحرمان من الجنة، لقول النبي ﷺ: «لا يدخل الجنة قاطع«(4).

4- قطع الأرحام، يؤدي إلى الأنانية وحب الذات، والذي يسبب في تنامي آفات أخرى في النفس، كالكآبة والقلق، والخوف، وغيرها، لأن النفس حين تنقطع عن مؤاخاة النفوس الأخرى والتآلف معها، تبقى منحسرة في ذاتها، لا تتطلع إلا إلى ما يخدم لذاتها وشهواتها.

5- كما إن قطع الأرحام من العوامل التي تمزق المجتمعات وتشتتها، لأن كل أسرة تنأى بنفسها عن الأخرى، فلا يعرف الأبناء أعمامهم ولا أخوالهم، ولا يعرف الأزواج أصهارهم ولا أهل زوجاتهم، وهكذا، يتفكك المجتمع، وبالتالي تذوب جميع روابط التآلف والتكاتف بين أبنائه.

*     *     *

وفي الختام:

فإن صلة الرحم من الأخلاق الإسلامية العظيمة التي حثّ عليها الإسلام وجعلها من أولوياته، فقد أمر بها الله تعالى في كتابه ووصى بها رسوله ﷺ في سنته، لما في هذا الخُلق الكريم من آثار إيجابية على النفس الإنسانية أولاً ثم على المجتمع الذين ينتمي إليه الإنسان ثانيًا، من الاستقرار والأمان والتقدم والتفوق في مجالات الحياة المختلفة.

كما حرّم الإسلام قطيعة الأرحام وجفاءها، ورتّب عليها عقوبات مختلفة في الدنيا والآخرة، لأنها مدخل واسع للآفات النفسية الكثيرة، وخطر على كيان المجتمع والأمة بأسرها.

فما أجمل أن يبدأ كل إنسان بتحديد نقطة انطلاق جديدة في حياته، وليبدأ بالتواصل مع أرحامه، إما بزيارتهم أو دعوتهم إلى البيت أو مكالمتهم هاتفيًا، متوّجًا ذلك كله بأجمل الكلمات وأحسن الألفاظ، حتى تتمكن المحبة في القلوب وتخرج الضغائن منها، ويتحول المجتمع إلى بنيان قوي ومرصوص.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [محمد: 22-23]

(2) [الرعد: 25]

(3) سبق تخريجه.

(4) أخرجه البخاري (ص1048، رقم 5984) كتاب الأدب، باب إثم القاطع. ومسلم (ص8121، رقم 2556) كتاب البر والصلة، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها.



بحث عن بحث